التخطي إلى المحتوى

قبل أسبوعٍ من الآن وتحديداً يوم الإثنين الماضي، انفجرت الأوضاع أمنياً على السّاحة العراقيّة، وذلك عقبَ إعلان الزعيم العراقي مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي “نهائياً”. في ذلك اليوم، اندلعت اشتباكاتٌ مُسلّحة بين أنصار “التيار الصدري” وقوات الأمن، استمرّت حتى ظهر يوم الثلاثاء. حينها، خرج الصدرُ بخطابٍ للتهدئة، داعياً لإنهاء العنف المسلح وخروج مناصريه من الشارع، وحتماً تمّت الاستجابة لهذا الأمر. 


بعد تلك التوترات التي أثارت قلقاً دولياً كبيراً، برزت تقارير تشيرُ إلى أنه كان لـ”حزب الله” في لبنان دوراً أساسياً في إنهاء أحداث العراق، وقد تمثل ذلك بتدخّل مباشرٍ مع الصدر عبر “مُكالمة هاتفية واحدة”. بحسب المعطيات المُتداولة، فقد قيل أنّ مسؤولاً رفيع المستوى ضمن الحزب استطاع إقناع الصدر بالتهدئة وإخراج عناصره ومؤيديه من الشارع.  


مع هذا، فإنه في سياق تلك المعلومات المتناقلة أيضاً، لم يتم تأكيد هويّة الشخصية التي تولّت التواصل مع الصدر، بل بقي الأمرُ مرتبطاً بتوقعات. فمن جهة، قيلَ أنه من الممكن أن يكونَ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هو الذي أقدم على خطوة الاتصال بالصدر بشكل مباشر، في حين أن هناك معطيات أخرى أشارت إلى أن المسؤول في “حزب الله” الشيخ محمد كوثراني هو الذي تولى تلك المهمة. 


بشكل أو بآخر، أثار تدخل الحزب جملةً من التساؤلات إزاء تأثيره على السّاحة العراقية وتحديداً في ظلّ تنوع الأطياف السياسية. أما الأمر الأهم فيرتبط بفحوى الرسالة التي تم نقلها من الحزب إلى الزعيم العراقي حتى قبِلَ الأخير بالتهدئة فوراً وتحرّك لإخماد غضب الشارع. 


في هذا الإطار، تكشفُ معلومات “لبنان24” إنّ الشيخ محمد كوثراني، وبِحُكم ارتباطه بملف العراق ضمن “حزب الله”، هو الذي تولى التواصل مع الصدر بتكليفٍ مُباشر من نصرالله. ووفقاً للمصادر، فإنّ كوثراني أكّد في اتصاله مع الزعيم العراقي على ضرورة التهدئة بشكل سريع وتحديداً في المرحلة الراهنة، وقد كانت هذه رسالة نصرالله الأساسيّة.


وعلى صعيد التقارير المُتداولة بشأن ما حصل بين الصدر و”حزب الله”، جرى التلميح أيضاً إلى أن الزعيم العراقي زار بيروت قبل أسابيع قليلة والتقى نصرالله. كذلك، أثيرت تساؤلات فعلية عن سبب عدم تواصل الأخير مع الصدر، باعتبار أن كلمة الأمين لعام لـ”حزب الله” قد يكون لها تأثيرٌ كبير على صعيد أي حدثٍ بارز. 


عن هذا الأمر، تقول مصادر مقرّبة من “حزب الله” لـ“لبنان24” إنّه “من البديهي ألّا يُبادر نصرالله لإجراء اتصالٍ هاتفي مباشر إلى العراق”، وأضافت: “إن عدم اتصال نصرالله بالصدر لا يعني أبداً انتقاصاً من قيمة الأخير الذي يحظى باحترامٍ كبير جداً لدى الحزب. إلا أنه في المقابل، هناك إحتياطات أمنية خاصة.. نصرالله لا يجري اتصالاً عادياً وخطوطُ الهاتف مُراقبة من قبل أجهزة الاستخبارات العديدة هناك”. 


وتابعت: “مع هذا، فإنّ الشيخ كوثراني لهُ مسؤولية تنظيمية وعلى علاقة جيدة بالصدر، علماً أن ما يتمّ ترويجه بشأن زيارة قام بها الأخير مؤخراً إلى بيروت هو أمرٌ غير صحيح أبداً”. 


وبمعزلٍ عن حيثيات الإتصال والجهة التي نفذته، تقول مصادر سياسيّة مقربة من فريق 8 آذار لـ“لبنان24” إنّ تدخّل “حزب الله” بشأن يرتبط بالعراق، إنما يعبر عن دورٍ كبير له على الساحة الإقليمية، ما يعني أن الحزب باتَ مؤثراً من الناحية التفاوضية، ومشاركاً في حلحلة شؤون داخلية ترتبطُ بدولٍ لديه حلفاء فيها، كالزعيم مقتدى الصدر مثلاً. إلا أنه في المقابل، تشيرُ المصادر عينُها إلى أن “حزب الله مُصرّ على عدم الانحياز لأي طرف أو فئة في العراق، إذ أنه على مسافة واحدة من الجميع”، موضحة أن “نصرالله كان واضحاً في هذا الأمر تماماً خلال الفترة الماضية”.  


من هُنا، ما يمكن حسمُه تماماً أن “حزب الله” يسعى لتثبيت نفسه أكثر على صعيد دول المنطقة، وقد يكون ذلك بتكليفٍ إيراني مباشر. فمن جهة، يمكن القول أن انفلات الأوضاع في دولة مثل العراق سيؤثر تماماً على المصالح الإيرانية، ومن جهة أخرى، تشيرُ نظريات المُحلّلين إلى أنّ التوتر في العراق سيلجُم كل المساعي لضبط الوضع في سوريا، وبالتالي حصول بلبلة ضمن “محور الممانعة، وهذا أمرٌ ترى إيران أنها بغنى عنه في الوقت الراهن لاسيما مع تقدمها على صعيد الملف النووي الذي قد يُبصر النور خلال الأيام المقبلة.  

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *