التخطي إلى المحتوى

كمال ذبيان – الديار

يقوم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، «جدل بيزنطي» حول شكل الحكومة بعدد وزرائها، ولمن تكون الحقائب الوزارية، اضافة الى مسألة دستورية حول صلاحيات الحكومة المستقيلة والتي تصرّف الاعمال، بان تقوم بصلاحيات رئاسة الجمهورية في حال تعطل انتخاب رئيس جديد، مع انتهاء ولاية الرئيس عون الدستورية في 31 تشرين الاول المقبل.

 
هذا الجدل السياسي والدستوري، حول «جنس الملائكة»، ادى الى سقوط القسطنطينية، وهو نفسه الذي اوصل لبنان الى الانهيار، وبلغ «جهنم»، بعد ان مر في «العصفورية»، وهذا التوصيف لكل من عون وميقاتي، ويعبران عنه بكل ارتياح، فالاول دعا من لا يعجبه الوضع المأساوي في لبنان بان يرحل، والثاني اوصى اللبنانيين بان يتحملوا الازمة التي تعصف بهم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً، مع التحلل الذي اصاب الدولة التي باتت مؤسساتها مشلولة، في وقت يتلهى من هم في موقع السلطة، في خلافات مصلحية حول الحصص والمكاسب والمغانم، وظهرت بين شريكي تشكيل الحكومة، التي يبدو انها لن تبصر النور خلال اسبوع، وفي المهلة الدستورية التي تسبق اول ايلول، وهو اليوم الذي يدخل فيه لبنان بالاستحقاق الرئاسي، الذي يمتد لشهرين، يجري خلاله انتخاب رئيس للجمهورية من قبل مجلس النواب الذي يتحول الى هيئة ناخبة.

وقطع ميقاتي الطريق على احتمال ان يحصل لقاء خامس مع رئيس الجمهورية، واصدر مكتبه الاعلامي بياناً نفى فيه ان يكون الرئيس المكلف صرّح بعد اجتماعه بالرئيس عون بان للبحث صلة كما روّجت وسائل اعلام، وهذا ما يؤكد ان اي لقاء بين الرجلين مستبعد وصعب الحصول، مع تصلب كل منهما في موقفه، لجهة ان تكون الحكومة ثلاثينية وسياسية كما يرغب الرئيس عون، وهذا مطلبه قبل تكليف ميقاتي بتشكيلها، في حين ان الرئيس المكلف، قدم تشكيلة لرئيس الجمهورية من 24 وزيراً مستنسخة عن الحكومة الحالية، مع تعديل محدود في بعض الاسماء والحقائب، حيث تكشف معلومات من مصادر سياسية متابعة، بان جداراً بُني بين الرئيسين عون وميقاتي، ساهم به رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي لم يكن يريد عودة ميقاتي لتشكيل الحكومة، ولم يسمه تكتله النيابي، ويحاول ان يفرض شروطه على ميقاتي الذي اقفل الحوار معه، وحصر موضوع تشكيل الحكومة بينه وبين رئيس الجمهورية، وهو ما نص عليه الدستور.

لذلك، فان مرحلة الشهرين المقبلين ستكون لجدال حول دستورية حكومة تصريف الاعمال في تولي صلاحيات رئاسة الجمهورية، وقد فتح التفسير الدستوري للمادة 62 المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 21 ايلول 1990 والتي تنص على انه «في حال خلو سدة الرئاسة لاي علّة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء».

والنقاش بدأ حول دستورية ان تقوم حكومة مستقيلة وتصرّف الاعمال، مكان رئيس الجمهورية وكالة اذا شغر منصبه، وفتح هذا الجدال احد مستشاري الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي، الذي افتى بعدم صلاحية الحكومة الحالية والمستقيلة بان تستلم صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة ، في حين ان خبراء في الدستور ومنهم النائب السابق الدكتور حسن الرفاعي الذي يؤكد بان الدستور لم يحدد شكل الحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، بل تحدث عن حكومة قائمة وموجودة ومستمرة، وهي في هذه الفترة برئاسة ميقاتي الذي اعيد تكليفه من قبل النواب باستشارات نيابية ملزمة اعطته الاكثرية وسمته رئيساً لتأليف الحكومة، والتزم بها رئيس الجمهورية، وابلغه النتيجة بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري كما ينص الدستور.

وفي هذه الحالة، يملك ميقاتي ترشيح مجلس النواب السابق قبل الانتخابات له، والمجلس الجديد بعد الانتخابات، ولا يستطيع رئيس الجمهورية دستورياً القفز فوق الاستشارات، او الطلب الى مجلس النواب سحب التكليف منه، وفق مرجع نيابي مخضرم، لان دستور الطائف حدّد صلاحيات رئيس الجمهورية وقلصها في موضوع تسمية رئيس الحكومة، وما جرى مع انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل، لن يتكرر حيث سمى الجنرال عون لرئاسة حكومة عسكرية، وجرى التداول باسماء مارونية كـ بيار حلو وداني شمعون وغيرهما، فان هذا الاجراء لم يعد ممكنا مع الدستور المعدّل قبل 32 عاماً، وان لا صلاحيات لرئيس الجمهورية في تسمية رئيس للحكومة، وعندما عُين الجنرال عون رئيسا للحكومة انقسمت حكومته، التي خرج منها الضباط المسلمون، واستمرت حكومة الرئيس سليم الحص. 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *