التخطي إلى المحتوى

يحتفظ رئيس الجمهورية ميشال عون، بالخيارات التي يمكن أن يُقدم عليها في حال شغور الموقع الرئاسي برغم أنه يدرك، كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، بأن خصومه يعدّون الأيام المتبقية من ولايته وبدأوا يضيّقون عليه الحصار ولن يجد من يجاريه في خياراته إلا إذا تلقى الضوء الأخضر من حليفه «حزب الله»، الذي لا يحبّذ التورّط في مغامرة يمكن أن ترتدّ عليه لأن المجتمع الدولي سيبادر إلى تحميله مسؤولية إقحام البلد في فراغ يستدرجه إلى الفوضى واتهامه بتوفير الغطاء السياسي لرئيس لم يتبقّ من ولايته سوى 50 يوماً.

ويلفت المصدر السياسي إلى أن لجوء الرئيس عون إلى تشكيل حكومة على غرار الحكومة العسكرية التي ترأسها بعد نهاية عهد الرئيس أمين الجميل سيواجه مقاومة شعبية وسياسية على خلفية مخالفته للدستور.

ويؤكد بأن الرئيس عون، وإن كان عدد من أفراد فريقه السياسي يهوّل بأنه لن يغادر بعبدا إلا بعد تشكيله لحكومة بديلة عن حكومة تصريف الأعمال فإنه يدرك في المقابل بأن الدستور لا يجيز له إصدار المراسيم الخاصة بتشكيل الحكومة من دون توقيع الرئيس المكلّف بتأليفها.

ويقول المصدر نفسه بأن الرئيس عون لا يستطيع أن يدير ظهره للدستور ويتصرف، مما يسمح له بالعودة إلى الدستور القديم الذي يمنح رئيس الجمهورية صلاحية تعيين الوزراء واختيار رئيس حكومة من بينهم، ويرى بأن مجرد لجوئه إلى هذه الخطوة يكون قد دخل في اشتباك سياسي مع المجلس النيابي الذي سمّى ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة.

ويحذّر الرئيس عون من مصادرته لصلاحيات المجلس النيابي الذي سمّى ميقاتي لتولّي رئاسة الحكومة، خصوصاً أن دوره يقتصر على إجراء استشارات نيابية مُلزمة لتسميته يعود له الإعلان عن نتائجها. وبكلام آخر فإن دور الرئيس عون يقتصر في هذه الحال على تسجيل نتائج الاستشارات النيابية، تمهيداً للإعلان عن اسم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.

ويدعو المصدر الرئيس عون إلى الكف عن مكابرته لتمرير الاستحقاق الرئاسي بأقل كلفة على البلد، وفي حال استحال إنجازه في موعده فما عليه إلا التسليم بروحية الدستور الذي ينص على انتقال صلاحيات الرئيس بالوكالة إلى الحكومة، ولم يأت على ذكر طبيعة هذه الحكومة أكانت تتولى تصريف الأعمال أو مكتملة الأوصاف، ويرى بأن هروب الرئيس عون إلى الأمام سيصطدم بحائط مسدود.

فالرئيس عون بإصراره على تشكيل حكومة يكون قد أقدم على دعسة غير مدروسة ولا يمكنه استحضار ما قاله الموفد الأميركي ريتشارد مورفي بوضع لبنان أمام خيارين مخايل الضاهر رئيساً أو الفوضى، على أن ينسحب قوله على الوضع الراهن الذي يتيح له حشر اللبنانيين، إما التسليم بشروطه وإلا البديل إغراق البلد في فوضى مفتوحة على كل الاحتمالات.

لذلك فإن الظروف الراهنة تختلف عن تلك التي كانت وراء الإطاحة باتفاق مورفي – حافظ الأسد في حينه، لأن إسقاطه تم تحت الضربات السياسية للقوة الضاربة التي تكوّنت من الرئيس الجميّل وحزب «القوات اللبنانية» والكنيسة المارونية، إضافة إلى الرئيس عون الذي كان يقف على رأس المؤسسة العسكرية، فيما يعاني البلد انقساماً مذهبياً وطائفياً على وقع استمرار الحرب الأهلية.

أما اليوم فإن عون، كما يقول المصدر السياسي، يقاتل وحيداً ويدخل في صدام مع القوى الرئيسية في البلد باستثناء «حزب الله» الذي يستبعد أن يجازف برصيده السياسي في مواجهة تزيد من الاحتقان المذهبي والطائفي بين السنة والشيعة لشعور المكوّن السنّي بأن موقعه الأول في الدولة يتعرّض إلى هجوم يستهدف رئاسة الحكومة وأن هناك من يستقوي عليه مستفيداً من الفراغ الذي تسبب به عزوف مرجعياته عن الترشّح للانتخابات النيابية.

لذلك لا مصلحة لـ«حزب الله» في الدخول في صدام مع الشارع السنّي بالنيابة عن حليفه الرئيس عون ووريثه باسيل لأنه سيدفع باتجاه رفع منسوب التوتر المذهبي والطائفي، وبالتالي ينأى بنفسه عن صرف فائض القوة في معركة ستكون خاسرة سلفاً حتى لو أعاد الاعتبار لحليفه الرئيس عون مع أن تعويمه دونه صعوبات.

أما إذا بادر الرئيس عون إلى إحداث «صدمة» سياسية من نوع آخر بتشكيل حكومة عسكرية فإن الجواب سيأتيه سلفاً برفض قيادة الجيش إقحامها في نزاع داخلي في ظل انسداد الأفق أمام الفريق السياسي المحسوب على عون، فيما تشكل المؤسسة العسكرية إلى جانب القوى الأمنية صمام الأمان للحفاظ على الاستقرار وقطع الطريق على من يحاول أخذ البلد إلى المجهول القاتل.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *