التخطي إلى المحتوى

محمد بلوط – الديار 

امام الحشد الضخم في يوم الامام الصدر وفي مدينته صور، رسم الرئيس بري خريطة الطريق الى الاستحقاق الرئاسي من دون مبالغة او تهاون في آن معا .

 
لم يكن منتظرا من رئيس المجلس ان يضع كل النقاط على حروف هذا الاستحقاق، لكن الابرز في نظر المراقبين والمتابعين تأكيد انحيازه وسعيه لانتخاب رئيس وفاقي يتجاوز باقي الالقاب والتسميات التي يروّج لها بعض المرشحين، مثل “مرشح طبيعي” او “مرشح تحدي” او “سيادي” او ” حامي الشراكة”، وغيرها من التوصيفات التي يراد توظيفها اولا وآخرا لهذا المرشح او ذاك او لقلة من المرشحين الذين يحاولون تعويم انفسهم كل من موقعه .

قالها بري بوضوح وبثقة “سنقترع للشخصية التي توحد ولا تفرق”، لافتا الى ان الرئيس يحتاج الى حيثية اسلامية بقدر ما يحتاج الى حيثية مسيحية، وقبل كل ذلك الى الحيثية الوطنية .

وهنا بيت القصيد، كما يرى مصدر سياسي، فالمواصفات العامة التي طرحها بري تكاد تكون نصف تسمية لشخص الرئيس الجديد.

ويضيف المصدر، ان الحديث عن حاجة المرشح الرئاسي لحيثية اسلامية كما المسيحية، يستحضر تلقائيا استبعاد مرشح التحدي او المرشح الاستفزازي، ويقلص فرص بعض المرشحين الذين يعتبرون انفسهم انهم مرشحين طبيعيين واقوياء الى درجة كبيرة او الى الحدود الدنيا، ومنهم رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع .

فباسيل وجعجع لا يملكان اليوم رصيدا ملحوظا عند الطائفة السنية، فالاول فقد ثقتها منذ انفراط عقد اتفاقه مع الرئيس سعد والثاني خسر الغطاء السني المحلي منذ انفراط تحالفه مع الحريري بعد احتجازه في السعودية وانقلابه عليه في محنته.

ولا يملك جعجع اي رصيد يذكر عند الطائفة الشيعية، بينما يحتفظ باسيل برصيده عند حزب الله ويفقده تماما عند “حركة امل “، غير ان الاجواء والحسابات تقول ان الحزب ليس متحمسا لخوض معركته الرئاسية، ويسعى الى كسب دعمه لمعركة سليمان فرنجية .

اما رصيد كل منهما عند الدروز، فهو يكاد يكون في الحد الادنى، خصوصا بعد مبادرة وليد جنبلاط وموقفه المعلن من الاستحقاق الرئاسي ورفضه مرشح التحدي على عكس ما يعلنه جعجع،لذلك، فان رئيس “القوات” لا يحظى بالغطاء الدرزي في معركة الرئاسة، ولا يستطيع ان يكسب اي دعم درزي اذا استمر على نهجه حيال الاستحقاق الرئاسي.

ويفتقد باسيل في الاصل غطاء القوة الدرزية الكبرى، اي غطاء الحزب “التقدمي الاشتراكي”، كما انه لم يعد يملك الرصيد نفسه عند خصوم جنبلاط بعد تداعيات الانتخابات النيابية في الجبل.

وتقول مصادر متابعة، انها تتلاقى مع قراءة المصدر السياسي حول استبعاد كل من جعجع وباسيل من حلبة معركة الرئاسة، لكنها ترى ان كلام بري يفتح الباب بكل موضوعية للاتفاق على مرشح يحظى بالحيثية الوطنية ولا يشكل تحديا لاي طرف او فريق، ويجسد سياسة اليد الممدودة لانجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده بارادة جماعية وجامعة لكل الوان المجلس النيابي .وتشير المصادر في هذا المجال، الى دعوته اعضاء المجلس ال١٢٨ الى الاحتكام للدستور “لنكون جميعا صوتا واحدا لانجاز الاستحقاق الرئاسي “.

اما النقطة الثانية البارزة في كلام بري عن هذا الاستحقاق فهي ما قاله بلهجة حازمة وحاسمة بوجه محاولات التهويل والاستثمار في مسألة الفراغ الرئاسي، ” ليس مشروعا ان يعمد البعض على تصوير الامر لدى اللبنانيين بان نهاية الفترة الدستورية لاي سلطة هي نهاية للبنان ووضعه عل شفير خطر وجودي”، واستند في ذلك على تأكيد حقيقة طالما اكد عليها، وهي ان المجلس النيابي الذي يرأسه ” هو المؤسسة الام التي تمثل الشعب، وهو الوحيد المناط به تفسير الدستور “، محذرا بقوله ” ليس مسموحا العبث بالدستور والتمرد عليه او البحث في اجتهادات غبّ الطلب تتواءم مع هذا الطرف او ذاك، وتلبي مطامح هذا المرشح او ذاك من المرشحين الطبيعيين”.

والنقطة الثالثة التي ركز عليها بري في موضع الاستحقاق الرئاسي هي تجديده التأكيد على احترام المهلة الدستورية للعمل على انجاز الاستحقاق الرئاسي، لكنه وضع هذه المسؤولية امام الجميع، مؤكدا في الوقت نفسه عدم الاستسلام ” لبعض الارادات الخبيثة التي تعمل لاسقاط البلد ومؤسساته في دوامة الفراغ”.

قال الرئيس بري في خطاب مهرجان الامام الصدر امام امواج الحشود في صور ما يجب ان يقال في الاستحقاق الرئاسي مع بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن المراقبين يرون ان في جعبته اضافات اخرى حول هذا الاستحقاق سيعمل بلورتها وتظهيرها خلال الفترة التي تسبق اواخر تشرين الاول المقبل . ولا خلاف على انه سيكون لاعبا اساسيا في رسم خريطة الطريق الى الاستحقاق الرئاسي، والى كل الخيارات التي تحيط وتلي هذا الاستحقاق. ومن المبكر التكهن في الطريقة التي سيعتمدها لتحسين وتعزيز فرص انتخاب الرئيس الجديد في المهلة الدستورية، لكن المؤكد انه سيضع برنامجا ناشطا وحافلا لتحقيق هذا الهدف.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *