التخطي إلى المحتوى

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

مبادرةٌ رئاسية “طويلة عريضة”، زيارات لجميع الأحزاب السياسية في مقرّاتها، تصاريح رنّانة بـ”الجملة والمفرق” عن قدسية “المبادرة” ومفعولها السحري على مستقبل الوطن المنكوب وسيادته الضائعة، ليقوم نواب تكتل “التغيير” أخيراً بترشيح سليم إده لرئاسة الجمهورية. وإده قد يكون الماروني اللبناني الوحيد على كوكب الأرض الذي لا يحلم بكرسي قصر بعبدا.

بعد التأكد أن نواب تكتل “التغيير” ليسوا أنبياء ولا قديسين وغير معصومين عن الخطأ، بات بالإمكان لومهم وانتقادهم والتصويب على خياراتهم وقراراتهم التي يبدو أنها لا تعكس نهج ثورة 17 تشرين، لا من قريب ولا من بعيد.

للتوضيح، لسنا ضد سليم إده، خصوصاً أن الرجل لم يكن يوماً خصماً لنا كلبنانيين، ومن المعروف عنه حبه للبنان وشعبه. لكن أن يُطرح لرئاسة الجمهورية ويحصد 11 صوتاً تغييرياً وهو غير راغب بالترشّح فهذا أمرٌ يثير الريبة، ويستدعي السؤال ما إذا كانت مبادرة التغييرين الرئاسية، تضمّنت بنداً ينصّ على ضرورة إقناع سليم إده بالترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية؟

ما يثيرُ الريبة أيضاً، هو أن جميع الأسماء التي وضعها نواب “التغيير” في سلّة المرشّحين “مارونية”، زياد بارود، ناصيف حتي، صلاح حنين وسليم إده جميعهم موارنة. هذا يؤكد أن كتلة “التغيير” حريصةٌ كلّ الحرص على الأعراف الطائفية، إذ من المعروف أن الدستور لا يفرض “مارونية” رئاسة الجمهورية ولا يكرّس “شيعية” رئاسة مجلس النواب ولا حصرية “سنّية” رئاسة مجلس الوزراء.

لأول مرة منذ ولادة المجلس النيابي الجديد، يتفق نواب “التغيير” على خيارٍ واحد وهو ترشيح سليم إده الذي نال 11 صوتاً بسبب غياب النائبين “التغييرين” ابراهيم منيمنة ونجاة عون صليبا عن جلسة الإنتخاب، ولولا غيابهما لحاز إده على 13 صوتاً. لكن ماذا يعني خيار سليم إده؟.

بكل بساطة، نجح “حزب الله” في كشف مجلس النواب وتقسيمه، واستطاع من الجلسة الأولى تحديد من يريد مخاصمته ومن لا يريد. أخصام الحزب هم أولئك الذين اقترعوا لميشال معوض، الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وبعض المستقلين، أمّا التغييريون فقد أوصلوا للحزب رسالةً واضحة “لسنا معكم ولسنا ضدكم”، وهذا ما يريده “حزب الله” ويسعى إليه، ويبدو أنه نجح.

تبدلت الحسابات وتاهت الأرقام وانتصر الحزب على سمير جعجع في ما يخصّ الأكثرية النيابية، حيث بات واضحاً أن الأكثرية ضائعة، وليست لطرفٍ على حساب آخر. وفي لعبة “العدّ” لا يمكن احتساب نواب “التغيير” في صفوف المعارضة ولا يمكن وضعهم في محور الممانعة، لكن ليس مستحيلاً أن يكونوا جزءاً من إتفاقٍ أو تسوية تقلب الموازين رأساً على عقب.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *