التخطي إلى المحتوى

عقب قرار تحالف أوبك بلاس بخفض إنتاج النفط الخام، وإعلان الإدارة الأميركية إعادة “تقيم العلاقة” مع السعودية بناء على ذلك، تركزت أغلب التعليقات الأولية داخل الولايات المتحدة على ما يتعلق بوقف مبيعات الأسلحة للرياض وخفض التواجد العسكري.

ودعا العديد من المشرعين الديمقراطيين إلى وقف مبيعات الأسلحة الأميركية، التي تشكل 70 بالمئة من الإمدادات العسكرية للرياض، وفقا لعضو مجلس النواب الأميركي رو خانا.

كما قدم 3 مشرعين ديمقراطيين مشروع قانون من شأنه إخراج القوات الأميركية من السعودية والإمارات، بالإضافة إلى سحب المعدات العسكرية، مثل أنظمة باتريوت وأنظمة الدفاع الأخرى التي تستخدمها الرياض.

وكتب المشرعون في بيان: “لا نرى أي سبب يدعو القوات الأميركية والمتعاقدين إلى الاستمرار في تقديم هذه الخدمة إلى الدول التي تعمل ضدنا بنشاط”، مضيفين أن السعودية والإمارات تساعدان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشكل فعال في غزوه لأوكرانيا.

ولا يرجح خبراء أن تسحب الولايات المتحدة وجودها العسكري من السعودية حتى مع قرار الإدارة بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض على خلفية قرار تحالف أوبك بلاس.

وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الأربعاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين بأن الولايات المتحدة لا تخطط لإجراء أي تغييرات مهمة على عدد القوات الأميركية المتمركزة في السعودية.

وقال مسؤولون إن العلاقة بين واشنطن والرياض كانت بالغة الأهمية للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، مضيفين أن الولايات المتحدة مصممة على مواصلة تعاونها الاستراتيجي مع السعودية، وهو أمر أساسي لمحاربة إيران. 

وكان تحالف أوبك بلاس الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية وعشر دول أخرى أبرزها روسيا، قرّر الأسبوع الماضي خفض حصص الإنتاج، مما يهدد بارتفاع أسعار الوقود في الأسواق العالمية.

وبينما ترى واشنطن أن خطوة التحالف تأتي لصالح روسيا – الخاضعة لعقوبات غربية بسبب غزوها أوكرانيا، يؤكد أعضاء الكارتل أن قرارهم جاء لأسباب فنية بحتة.

بعد إعلان الإدارة الأميركية إعادة تقييم العلاقات بين واشنطن والرياض، ردت وزارة الخارجية السعودية على الانتقادات التي وجهت للمملكة، وقالت إنها ترفض “الإملاءات وأي تصرفات أو مساعي تهدف لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية”.

والأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في تصريحات للصحفيين، إن الولايات المتحدة “تقيم العلاقة مع السعودية”، مشيرا إلى أن القرار بهذا الشأن يحتاج إلى وقت.

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعلن أن علاقات واشنطن مع الرياض ستواجه “عواقب” بعد إعلان التحالف المكون من 23 عضوا، خفض الإنتاج رغم الاعتراضات الأميركية.

“علاقات متجذرة والاختلافات وقتية”

لكن الباحث المتخصص في الدراسات السياسية والاستراتيجية، اللواء متقاعد محمد بن صالح الحربي، أن سحب القوات الأميركية من السعودية عملية “لا يمكن أن تحدث إطلاقا”.

وقال الحربي لموقع “الحرة” إن ذلك يعد “ضربا من المستحيل”، لافتا إلى أن كل ما يحدث في واشنطن يأتي في إطار “الدعاية الانتخابية قبل 8 نوفمبر”، بالإضافة إلى “إصلاح أخطاء الرئيس في تعامله مع ملف الطاقة وفرض رسوم بيئية عالية على شركات البترول مما انعكس على المستهلك الأميركي”.

وتابع: “بالنسبة لتصريحات المسؤولين والنواب الديمقراطيين والجمهوريين.. الكل يريد أن يوجه رسائل إلى الناخب الأميركي”.

ويتواجد في السعودية ما يصل إلى 3 آلاف جندي أميركي يعملون على تدريب القوات السعودية وتقديم المشورة لهم بشأن عملياتهم العسكرية، بحسب “وول ستريت جورنال”.

وقال جوناثان بانيكوف، وهو مدير مبادرة “سكوكروفت” لأمن الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي في واشنطن، “على الجانب العسكري، لا أستطيع أن أتخيل أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تدريب (القوات السعودية)؛ لأنه ليس من مصلحتنا عدم تدريب السعوديين بشكل أفضل”. 

وأضاف أن تبادل المعلومات الاستخباراتية من المرجح أن يستمر أيضا، مشيرا إلى أن “وقف التعاون هناك من شأنه تقويض الأمن القومي للولايات المتحدة”.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإضرار بالعلاقة العسكرية قد يجعل مواجهة إيران وتحسين العلاقات السعودية الإسرائيلية وحل القضايا الإقليمية الأخرى أكثر صعوبة.

وقال مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، جون ألترمان، “يحاول السعوديون جعل جيشهم أشبه بجيشنا، ويرى البنتاغون في ذلك مبادرة مهمة”.

ومع ذلك، قد يكون هناك بعض التراجع على مستوى التعاون الدفاعي بين واشنطن والرياض، حسبما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

والأسبوع الماضي، ألغت الإدارة الأميركية مشاركتها في مجموعة عمل بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي بشأن إيران، كان من المقرر عقدها يوم 17 أكتوبر، حسبما قال مسؤولون أميركيون للصحيفة.

وكان الاجتماع يستهدف التركيز على تكامل الدفاع بين الحلفاء الإقليميين، ولا سيما الدفاع الصاروخي.

وأضاف المسؤولون أن الولايات المتحدة قد تبطئ أيضا من مبيعات الاسلحة الأميركية السنوية للرياض وذلك بهدف توجيه رسالة استياء.

وقال السناتور، جوني إرنست، في خطاب موجة، الأربعاء، إلى مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، اطلعت عليه صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن إلغاء اجتماع مجلس التعاون الخليجي “يؤخر قدرة الشركاء ويزيد من سوء الأمن الإقليمي ويساعد خصومنا”.

إلى ذلك، يعتقد الحربي أن سحب القوات الأميركية من المنطقة قرار لا يرتكز على الحزبين في الكونغرس، مشيرا إلى أن واشنطن لا يمكن لها التضحية بأمن هذه المنطقة.

وقال إن “أي خلل في المنطقة سيصل بأسعار النفط إلى أكثر من 350 دولار، وسيضرب اقتصاد العالم الذي يمر حاليا بالفعل بفترة هبوط قد يصل لركود في العام المقبل”. 

كما أشار الحربي إلى حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة التي قدرها بتريليون دولار، قائلا: “لا يمكن أن يضحوا بذلك”.

وأردف قائلا: “العلاقات السعودية الأميركية استراتيجية ومتجذرة.. تمر باختلافات، لكنها ليست سوى تباينات وقتية”، على حد تعبيره.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *