التخطي إلى المحتوى

إلى جانب الأصوات الإسرائيلية المعارضة لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وجّه السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، في مقابلةٍ حصرية مع صحيفة “إسرائيل هيوم”، انتقاداتٍ شديدة للاتفاق، معتبراً أن ما جرى ينقل صورةً للعالم بأن تل أبيب تخضع للابتزاز ومستعدة للتنازل لترسيخ الأمن على حدودها.

التخلي عن الحقوق!
يقول فريدمان في المقابلة إن إسرائيل قدمت تنازلات تتعارض والمقترحات الأميركية لإدارة ترامب. وما حدث في الآونة الأخيرة كان ابتزازاً من حزب الله لإسرائيل، حيث ضغط الحزب على لبنان للمطالبة بكامل المنطقة المتنازع عليها. وتوجه إلى الحكومة الإسرائيلية مخاطباً إياها بالقول “هل تريدون أن يُنظر إليكم على أنكم قد تدفعون مبالغ زائدة، وتعطون قيمة مضافة لمجموعة إرهابية لحماية أنفسكم مقابل أن تتخلوا عن حقوقكم السيادية. إنّ ما جرى يقدم حجة قوية جداً بأن هذا السلوك يبعث برسالة خطيرة للغاية”.

أضاف “لقد اتفقنا في ظل إدارة ترامب مع إسرائيل على أن ترسيم الحدود سيكون بمثابة تسوية عادلة للغاية للدولة العبرية، يُمنح لبنان بموجبها 60 في المئة من الأراضي المتنازع عليها، وتحصل إسرائيل على 40 في المئة. كانت إسرائيل مستعدة للقيام بذلك، واعتقدنا أن ذلك كان عادلاً للغاية. أعتقدُ أن التنازلات الإسرائيلية الجديدة التي أسفرت عن تسليم المنطقة بأكملها إلى لبنان كانت بسبب ضغط إدارة بايدن”.

استرضاء حزب الله
وتابع فريدمان متحدثاً عن دور حزب الله في الصفقة ” خلال المفاوضات التي جرت حينذاك، استنتجنا أن اقتراح 60 مقابل 40، كان سيلاقي استحسان الحكومة اللبنانية لكنه لم يكن مقبولاً من قبل وكلاء حزب الله، ولهذا السبب لم يتم تنفيذ الصفقة خلال عهد ترامب. بالنسبة لي، يبدو أن حزب الله في وضع جيد للغاية داخل لبنان ليُحسب له الفضل في الوصول لمرحلة الاقتصاد الأفضل، والصفقة الأفضل. وإذا كانت الفكرة بأكملها هنا هي إظهار أن لبنان له هويته الخاصة المستقلة عن حزب الله، فما حدث يثبت العكس تماماً، فهو يثبت أن حزب الله كان طرفاً تفاوضياً كبيراً وكان الطرف الذي نجح في الحصول على الامتيازات المضافة التي لم نقبل بها قبل عامين”.

وأكمل “قد تكون الصفقة جيدة لإسرائيل إذا كانت استراتيجيتها تتمحور حول استرضاء حزب الله للتأكد من بدء استخراج الغاز من حقل كاريش، وهذه ليست حسابات غير منطقية، ويبدو لي أن هذا هو ما فعلوه: لقد دفعوا مبالغ زائدة في حقل قانا حتى يتمكنوا من الحصول على بعض الحماية في كاريش. لكن هذه الحسابات تكشف، إلى حدٍ ما، عن وهنٍ ينخر بإسرائيل ويدفعها لتقديم هذه الأنواع من التنازلات لتجنب هجمات حزب الله. ربما ينجح الأمر وربما لا، فأنا لستُ بصدد تقييم هذا القرار، لكن الناس بحاجة إلى فهم الرسالة من هذا القرار ومعرفة عواقبها. وباختصار، إنّ ما حدث يخبر العالم بأن إسرائيل مستعدة لدفع مبالغٍ زائدة مقابل الحماية”.

الضمانات الأميركية
وحذر فريدمان من أن الضمانات الأميركية التي قُدمت لإسرائيل لضمان التزام لبنان بالاتفاق قد تكون إشكالية. إذ عللّ ذلك بقوله “إنني كمواطن أميركي، لم أستطع حقاً أن أفهم فكرة الضمانات الأميركية لإسرائيل. ببساطة لا يوجد ضمانات. ليفسروا لنا ماذا ستفعل أميركا تحديداً؟ لنفترض لا قَدّر الله أن اللبنانيين قرروا الانسحاب من هذه الصفقة، فماذا ستفعل أميركا حينها؟ انظروا إلى الرسالة التي كتبها جورج دبليو بوش إلى أرييل شارون في عام 2005، انظروا إلى مذكرة بودابست، إنها مجرد اتفاقيات على الورق يمكن التنصل منها”.

وزاد “ما هو الالتزام الأميركي في حال قرر لبنان في المستقبل الخروج من هذه الاتفاقية، ماذا ستفعل أميركا؟ هل ستدافع عن إسرائيل إذا هاجم لبنان كاريش؟ يخبرنا التاريخ أن الضمانات لا تعني الكثير، والأهم من ذلك، لماذا تبحث إسرائيل عن ضمانات أميركية لأشياءٍ كهذه؟ إنّ الهدف من استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي هو جعل إسرائيل قادرةً أن تدافع عن نفسها بنفسها، ولا تسعى أبداً إلى جعل أميركا تخوض معاركها. حسناً، لقد أبرمت إسرائيل صفقة مع دولة أجنبية، والولايات المتحدة تعهدت بتقديم الضمانات، لكن ماذا لو لم تلتزم أميركا بتعهداتها، فما الذي سيحدث؟ ستبدأ إسرائيل في تقديم مطالب للولايات المتحدة، وقد تقبل هذه الأخيرة  أو ترفض الاستجابة لها، وهكذا تبدأ التوترات بين حليفين”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *