نوف الموسى (دبي)
التفكير بالمجتمع الفني المحيط بـ «PrusaLab» وتعاونه مع «Prusa Research» في جمهورية التشيك، ممثلاً مساحة إبداعية، عالية التقنية، تستقطب أصحاب المواهب، والأعمال اليدوية وطلاب الهندسة المعمارية، وأصحاب المشاريع الصغيرة، يُعد أحد مرتكزات البحث في كيفية بناء أنظمة مجتمعية إبداعية معاصرة، تدعم نفسها ذاتياً، وتساهم في تطور الدمج الاستثنائي للإبداع الفني والتكنولوجيا، حيث يتركز عمل «PrusaLab» على استيعاب كل من لديه رغبة للإبداع، ضمن فضاء مجهز بمعداته، وبالأخص في مجالات الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتصنيع بواسطة استخدام الحاسب الآلي، إلى جانب توافر الخبرات في الهندسة الكهربائية، وهو ما ساهم في إنجاز العمل التركيبي «انعكاس» للمهندسين المعماريين آدم سيجلر وبيتر فاسيك.
وما يميز 91 مرآة التي شكلت العمل التركيبي، قدرتها الديناميكية في التحكم بما نراه، وسط التجربة التفاعلية بين العمل والجمهور، ففي البداية اعتقد الكثير من المشاهدين للعمل، أنه يستجيب إلى حركتهم في الفضاء العام، بينما تبين بعدها أن للعمل استجابة ذاتية متفردة، تتحرك وفق هارموني قادر على أن يلفت انتباه الزائر بانسجام «الحركة» وتطابقها معه ضمن المشاهدة اللحظية للعمل التركيبي، وفعلياً هو يمتلك ذكاء خاصاً تم إعداده مسبقاً، ولديه تحكم بكل ما سيشاهده المتلقي، فقد تم إعداد نقاط التركيز في كل زاويا المرآة نحو هدف معين، ما يجعلنا أمام عمل متكامل وساحر في الآن ذاته، ولا بد من البحث عن تفاصيله المركزية، والمراحل التقنية التي مر عبرها العمل، وصولاً إلى المعنى الجوهري من أن يرى شخصٌ ما انعكاسه في مرايا متموجة، تعكس الفضاءات العامة، وتحيطها هالة من الفُرجة الفنية التي تضفي لغتها هي الأخرى على المشهد البصري.
المدينة والتكنولوجيا
جاء اختيار العمل التركيبي «انعكاس» ـ باللغة التشيكية «Reflexe» ـ ضمن مسابقة للفنانين في مهرجان «Signal Festival» الذي يلقي الضوء على الفنون والتقنيات الناشئة في براغ، جمهورية التشيك، ويمثل الحدث، تجمعاً ثقافياً دولياً مهماً، يبحث في الفن ومساحة المدينة والتكنولوجيا الحديثة، انطلق من خلالها المهندسان المعماريان آدم سيجلر وبيتر فاسيك، في البحث عن التحدي الأول في العمل التركيبي، وهو «كيفية التحكم بالمرايا»، من هنا يُمكننا استشفاف البعد الأول لما يواجهه عادة المبدعون على مستوى آلية عمل المشروع المكتمل من ناحية الفكرة، وبذلك تأتي سلسة الأدوار التفصيلية للفضاءات الإبداعية من مثل «PrusaLab»، للوصول إلى تعريف دقيق لآليات التحكم القادرة على جعل المرآة تتحرك بانسيابية، وذلك بحسب المهندس المعماري بيتر فاسيك، الذي أوضح كيف واجهتهم في البداية العديد من المشاكل التقنية التي احتاجت إلى حل، معتبراً أنه من الرائع رؤية كل هؤلاء المتطوعين المبدعين يساهمون في كشف الحلول عبر مساحة «PrusaLab». وحول ذلك قال Jan hanzelka، المتخصص ضمن فريق «PrusaLab»، في مقابلة تسجيلية عن المشروع الفني، إنه عندما حضر آدم وبيتر لمختبرهما كان لديهما الكثير من العمل المنجز: لديهما الفكرة الأساسية ويعرفان الطريقة التي يريدان أن يبدو عليها العمل في الشكل النهائي، مثل ماهية شكل المرايا، ولديهما كذلك الفكرة الميكانيكية للحركة، وما عمدا لإنجازه تمثل في تحسين آلية الحركة لطباعة ثلاثية الأبعاد، مع المحافظة على الجودة العالية للطباعة، إضافة إلى مشاركتهما في إنجاز «أعمال البناء» الخاصة بالعمل التركيبي.
روح العمل
اسُتخدم خشب رقائقي، في عمليات البناء، ليكون خفيفاً ومحمولاً، ويسهل تصنيعه باستخدام ميكانيكية الحاسب الآلي، واعتبر Matej suchánke، المتخصص ضمن فريق «PrusaLab»، الذي تناول في حديثه مجال «المحركات الكهربائية» في العمل التركيبي، أن كل نموذج في العمل له محركان، توصلا من خلالهما لكيفية جعل المرايا تتحرك، عبر بناء التحكم الإلكتروني الذي باستطاعته أن يتحكم بـ 91 مرآة، وأن جهاز التحكم هو ليس لإعطاء المتلقي معنى للمتغيرات الديناميكية للبيئة فقط، ولكنه أيضاً أداة داعمة لكل مرآة تعمل بشكل مستقل، وقد تم دعمها جميعها لتبدو دقيقة ومتزامنة، عبر هذه القطعة التي تعتبر مهمة جداً بالنسبة للعمل التركيبي ككل، بعدها جُمعت القطع جميعها، وتم تركيبها في مستودع «Prusa Research»، وكانت تحت التجربة لعدة أيام، لتسوية أي خلل ينجم عن مرحلة التجربة، بعدها تم نقلها إلى منطقة «Convent of Saint Agnes»، البلدة القديمة في براغ، ومن هناك كُشف عن العمل لأول مرة، وتعرف الناس على روح العمل القائم على «الحركة»، والطريقة التي يستطيع من خلالها التحويل واللعب بأبعاد الانعكاس المذهلة. وبالتأكيد فإن كل شخص احتفى بالعمل بطريقة مختلفة، ما يوحي بمستوى أكثر تعقيداً من التجربة التفاعلية.
التعليقات