التخطي إلى المحتوى

بيروت – الأناضول: تتواصل وتتفاقم مصاعب وصول اللبنانيين إلى الغذاء بسبب الغلاء والشُحّ، حتى أصبح هذا البلد، بحسب تصنيف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» «ضمن 20 دولة تعد بؤرا ساخنة للجوع»، وذلك في سياق الأزمة الاقتصادية الحادة المستمرة منذ 3 سنوات، فضلاً عن تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، والحرب الروسية الأوكرانية. فقد قالت نورة أورابح حداد، ممثلة «فاو»في لبنان، في مقابلة أن «وضع الأمن الغذائي في لبنان مقلق حيث يواجه هذا البلد تحديات غير مسبوقة على جميع الأصعدة بما فيها عدم توفر غذاء متنوع وآمن للجميع، نتيجة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتتالية».
واستشهدت حداد بتقرير سابق أصدرته «فاو» و»برنامج الغذاء العالمي» جاء فيه أن «لبنان بات من ضمن 20 دولة تعد بؤرة ساخنة للجوع». كما توقع التقرير «حدوث العديد من الأزمات الغذائية التي تلوح في الأفق بسبب الآثار المتتالية للحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى الارتفاع السريع في أسعار الأغذية والوقود في جميع أنحاء العالم. ورأت المتحدثة أنه «في ظل هذا الوضع لم يعد في إمكان المواطن اللبناني تحمّل تكاليف النظم الغذائية، كما لم يعد في إمكان صغار المزارعين والمزارعات تحقيق أرباح لائقة».
وأضافت أن «الأزمة الاقتصادية في لبنان تهدد بدفع مزيد من الناس إلى الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وبالأخص إذا استمرت أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، مدفوعة بانخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار القمح والوقود عالمياً».
ومنذ عام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي كإحدى أسوأ 3 أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، حيث أدت إلى انهيار مالي وبطالة واسعة النطاق وشُح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، حذر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أن انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في لبنان بشكل حاد، بسبب الأزمة المالية و»أزمة» اللاجئين السوريين، واعتماد بلاده الشديد على القمح والأسمدة الأوكرانية والروسية. وتقول حداد أن «النظام الغذائي في لبنان قد يواجه العديد من التحديات نتيجة عوامل عدة»، مشيرة إلى أن «الأراضي المزروعة في لبنان تغطي أقل من 25 في المئة من مساحة البلاد». وأشارت إلى وجود «170 ألف رخصة زراعية رسمية، إلا أن 25 في المئة منها يستخدم من إنتاجها بشكل أساسي للاكتفاء الذاتي، كما أن ملكية الأراضي تعاني بدرجة كبيرة من انعدام المساواة والتجزئة».
وأضافت أن «80 في المئة من أصحاب الأراضي يسيطرون على حوالي ثلث المساحة الإجمالية للأراضي الزراعية، في حين يسيطر 10 في المئة منهم على حوالي ثلثي تلك الأراضي، كما أن نسبة كبيرة من العمال في قطاع الأغذية يعمل بشكل غير نظامي».
ويعد قطاع الزراعة والغابات وصيد الأسماك في لبنان الأقل مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، إذ تبلغ مساهمته 4 في المئة فقط، بينما تعتمد البلاد إلى حد كبير على واردات الغذاء والوقود من الخارج. ومن أسباب ارتفاع تكاليف إنتاج الزراعة في لبنان «اعتماد عدد كبير من المنتجين على البذور والمواد والمعدات المستوردة، فضلاً عن أن قلة تحتكر هذه السلع المستوردة»، وفق حداد. وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنه في أعقاب أزمة 2019 الاقتصادية «أصبح ثلث السكان عاطلين من العمل، وثلثا الأسر اللبنانية اضطرت إلى التعامل مع انخفاض الدخل».
وترافق ذلك مع ارتفاع قياسي امعدلات الفقر، وتراجع احتياطي العملات الأجنبية وعدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.
وقالت أن «انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين سبّب عواقب وخيمة على الأمن الغذائي، حيث اتجهت الأسر اللبنانية إلى أغذية أرخص وأقل تنوعا، ما أدى إلى ارتفاع نسبة سوء التغذية».
كما أدّى ذلك إلى «ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض غير المعدية مثل السمنة ومرض السكري التي تصيب نحو 32 في المئة من البالغين».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *