التخطي إلى المحتوى

صدر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، البيان الآتي: “إزاء ما يتعرض له القضاء والقضاة، ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه، من محاولات تدخل سياسي سافر في العمل والأداء القضائيين، من خلال حملات ممنهجة ومتمادية، تضمنت في ما تضمنته تجنيات وإفتراءات وتهجمات وتجاوزات، وإزاء ما يترتب على كل ذلك من إنعكاسات سلبية على الثقة بالقضاء، وعلى صدقية القضاة وكرامتهم، وعلى حسن سير مرفق العدالة، كان لا بد من الخروج عن الصمت، بقصد توضيح المقتضى في هذه المرحلة:

 
أولاً: إن القضاء، رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، ورغم كل الأزمات المتفاقمة على الصعد كافة، لا يزال يضم خيرة قضاة قادرين على مجابهة التحديات والإنتصار عليها، مهما عظمت الصعوبات، وكبرت التضحيات، وهم عملوا ويعملون بصمت، متخطين حواجز كثيرة، فرضتها أوضاع غير مسبوقة.

ثانياً: إن القضاء، الذي إستمر بالعمل في ظل أوضاع معنوية ومادية ومعيشية ولوجستية غير مقبولة بتاتا، ومقصودة ربما، كان ليحقق مجمل الآمال المعقودة عليه، لو تمت مواكبته.

– بإقرار إقتراح قانون إستقلالية السلطة القضائية، وفقا لملاحظات مجلس القضاء الأعلى، والذي تكرر درسه وإعادة درسه في اللجان النيابية المتعاقبة لأكثر من عشر سنوات.

– بإصدار مراسيم التشكيلات القضائية العامة والجزئية، والتي ما زالت تنتقل وتستعاد وتحفظ في أدراج المراجع الرسمية المختصة، لأسباب غير قضائية، وذلك بعد إجماع مجلس القضاء الأعلى عليها مرارا،
-بتحسين أوضاعه المادية والمعيشية، ما تسبب وأدى، الى إضعاف فعالية العمل القضائي أو تعطيله.
 
ثالثاً: إن التدخلات السياسية في القضاء، الحاصلة من الجهات والمراجع المختلفة، صراحة أو ضمنا، سكوتا أو تجاهلا، ساهمت وتساهم في ضرب الثقة بالأداء القضائي. وهي ظهرت بوضوح من خلال ما سبق ذكره، كما أنها تتظهر اليوم، من خلال ما سمي بـ”تسوية” بخصوص عدد الغرف لدى محكمة التمييز، وبما أثير بصددها لناحية عدم التوازن والميثاقية، في حين أنهما مؤمنان منذ فترة طويلة، بمقتضى التشكيلات القضائية المتعاقبة، المقررة من عدة مجالس للقضاء (عشر غرف لمحكمة التمييز موزعة مناصفة)، والتي أتبعت في حينه بمراسيم موقع وموافق عليها من الجهات الرسمية المختلفة. كما يتظهر التدخل السياسي، في آخر أوجهه وأحدثها، من خلال دعوة السيد وزير العدل إلى إجتماعٍ لمجلس القضاء الأعلى، ووضعه لجدول أعماله، وذلك في سابقة لها مبرراتها السياسية لا القضائية، ولو أسندت في ظاهرها إلى واقع قانوني (المادة السادسة من قانون القضاء العدلي) لم يطبق ولم يعمل به سابقا، لعدم ائتلافه مع مبدأ الفصل بين السلطات، ومع مبدأ إستقلالية السلطة القضائية المكرسين في الدستور، ومع موجب إحترام هذه الإستقلالية.

 
رابعاً: في ضوء ما تقدم، يؤكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، أن مسار العدالة في لبنان لن يتوقف، خصوصا في قضية إنفجار مرفأ بيروت، مجددا إلتزامه ببيان مجلس القضاء الأعلى تاريخ 5-8-2020، المتضمن العمل دون هوادة على إنجاز التحقيقات في هذه القضية وصولا إلى تحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات الملائمة بحق المرتكبين.
 
خامساً: إن رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي أقسم يمين الحفاظ على إستقلالية القضاء وكرامته، بكل أمانة وإخلاص، لم ولن يفرط أبدا، ولم ولن يتهاون إطلاقا، في تطبيق مضمون قسمه، وسيقف دائما وحتى النهاية، ومهما عظمت التحديات، سدا منيعا أمام أي تدخل في القضاء، من أي جهة أو فئة أو فريق أتى، ما يحتم عليه بالتالي، عدم حضور جلسة مجلس القضاء الأعلى تاريخ 11-10-2022، التي دعا إليها السيد وزير العدل، وذلك إلتزاما بقسمه، وإيمانا منه بإستقلالية عمل مجلس القضاء الأعلى، وبعدم تكريس ما يمس هذه الإستقلالية. وهو يجدد يقينه بأن القضاء اللبناني، زاخر بقضاة مستقلين وحياديين، ملتزمين فقط موجبات قسمهم، وهم المعول عليهم، لإستعادة الثقة بالقضاء، والإسهام الفعلي والحقيقي في بناء دولة القانون والعدالة”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *