التخطي إلى المحتوى

على وقع الصعوبة التي يشهدها ملف ​تشكيل الحكومة​ الجديدة، بالتزامن مع ترجيح فرضية عدم القدرة على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، بدأت ملامح مواقف القوى السياسية من الأزمة الدستورية المنتظرة، حول قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، تتضح، خصوصاً بعد الحراك الذي يشهده محور رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة المكلف ​نجيب ميقاتي​ ورئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” ​وليد جنبلاط​.

من حيث المبدأ، هذا المحور سيكون هو السدّ في وجه “​التيار الوطني الحر​”، نظراً إلى أنه يتبنّى معادلة عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلّم صلاحيات الرئاسة، على عكس الموقف المعلن من جانب التّيار، بينما الجميع ينتظر موقف “​حزب الله​” وحزب “القوات اللبنانية” من هذه المسألة، نظراً إلى أن الأول ليس في وارد ترك “الوطني الحر” يخوض المعركة وحيداً، الأمر الذي يبرّر دعواته المتكررة لتشكيل حكومة جديدة أو تعويم الحالية، بينما الثاني سمير جعجع لم يتطرّق لها، بشكل حاسم، خلال خطابه في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر “النشرة”، إلى أن التيار بحاجة إلى دعم فريق أساسي في موقفه، على قاعدة أن رفض الفتوى الدستورية التي يتبناها من قبل جميع الأفرقاء سيضعفها، وتلفت إلى أنّ المرجح ألاّ يذهب “حزب الله” إلى الإعلان عن موقف واضح من هذه المسألة، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على علاقته مع حلفائه، فدعمه “الوطني الحر” سيغضب “حركة أمل”، بينما دعمه وجهة نظر رئيس المجلس النيابي سيغضب التيار.

إنطلاقاً من ذلك، ترى هذه المصادر أنه يمكن تفهّم حرص الحزب على السعي إلى تأليف حكومة جديدة، تجنب البلاد الأزمة الدستورية المنتظرة وتجنبه الموقف المحرج بين حلفائه، وهو كان قد ذهب إلى بذل جهود، في الأيام الماضية، تصب في هذا الإتجاه، خصوصاً أن الصراع المتصاعد بين “الوطني الحر” و”حركة أمل” قد يضعف من موقف الفريق السياسي الأكبر في ​الإستحقاق الرئاسي​، بالرغم من أن الواقع على الجبهة المقابلة ليس بأحسن حال.

في المقابل، لا تزال الكثير من الأسئلة تطرح حول قدرة “التيار الوطني الحر” على تأمين جو مسيحي داعم لوجهة نظره، على قاعدة أن هذا الأمر من الممكن أن يفرض على جميع الأفرقاء الآخرين الإلتزام به، وهو ما لا يمكن أن يتحقق من دون التماهي مع حزب “القوات اللبنانية” في هذا المجال.

من وجهة نظر البعض، بحال دعم “القوات” وجهة نظر التيار سيعزز من موقعه التفاوضي رئاسياً، بينما في حال كان في الجبهة الأخرى، أي تلك التي تدعم قدرة حكومة تصريف الأعمال على تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، قد يكون عرضة لحملة مزايدات كبيرة في الساحة المسيحية، إلا أن رئيس جهاز الاعلام والتواصل في “القوات” شارل جبور يؤكد، في حديث لـ”النشرة”، أن الحزب يعتبر أن ليس هناك من فراغ في الدستور، وبالتالي في حال لم تتألف حكومة جديدة تواصل الحالية تصريف الأعمال وتستلم صلاحيات الرئيس، في حال الوقوع في الشغور.

في الختام، يعتبر جبّور أن المطلوب من الفريق الآخر العمل على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدل التركيز على تشكيل حكومة لأهداف معروفة، رافضاً الحديث عن أن هذا الموقف قد يُفسر على أساس أنه تضحية بصلاحيات الرئيس، معتبراً أن من أهم صلاحيات رئيس الجمهورية تطبيق الدستور، وبالتالي من لا يحترم هذا الأمر لا يحق له الحديث عن تضحية، ويضيف: “لا نخاف المزايدة في هذا المجال، وليس هناك من جو مسيحي عام داعم لوجهة نظر التيار”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *