التخطي إلى المحتوى

لم تخرج الجلسة الاولى لانتخاب رئيس للبنان أمس في مجلس النواب عن إطار التوقعات التي وضعت لها، على رغم أهميتها -ولو شكلياً – في افتتاح صفحة الاستحقاق الرئاسي على بُعد 31 يوماً من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، فإنها كشفت أن حزب الله مأزوم، لعدم توافق حلفائه على اسم ساكن القصر المقبل.

فقد شكّل التصويت بالورقة البيضاء (63 صوتاً) خيار الحزب وحلفائه في الجلسة الأولى، في دلالة على عجزهم عن الاتّفاق على مرشّح واحد يخوضون به الاستحقاق الرئاسي.

بروفا رئاسية

وعلى رغم انعقادها بحضور معظم الكتل النيابية (122 نائباً من أصل 128) من دون أن تخرج بانتخاب رئيس، فإن معظم المراقبين أجمعوا على أنها “بروفا” رئاسية من قبل القوى السياسية، لمعرفة خريطة توزّع الأصوات والتحالفات.

ومع أن قوى المعارضة الأساسية منها “القوات اللبنانية” و”الكتائب” والحزب التقدمي الاشتراكي وبعض النواب السنّة توحّدوا حول اسم رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوّض المعارض لـ”حزب الله، فإنها عجزت عن ملاقاة نواب التغيير بتوحيد صفوفها وهو ما كان من شأنه أن يدفع بقوّة بالاستحقاق الرئاسي، ما يطرح علامات استفهام حول “هوية” الرئيس العتيد وقدرة حزب الله وحلفائه على الإتيان برئيس للجمهورية مؤيّد له إذا ما استمرّ تشرذم قوى المعارضة ونواب التغيير.

النائب ميشال معوض في البرلمان اللبناني (فرانس برس)

النائب ميشال معوض في البرلمان اللبناني (فرانس برس)

وحدة المعارضة

وأوضحت النائبة عن حزب “القوات اللبنانية” غادة أيوب لـ”العربية.نت” “أن وحدة المعارضة (القوات، والكتائب والاشتراكي) بتسمية النائب ميشال معوّض لرئاسة الجمهورية أمر جيّد”.

لكنها أسفت “لأن “نواب التغيير” لم يلاقوا حزبها في منتصف الطريق بالتصويت لمرشّح واحد، مع العلم أن ما حصل في الجلسة يُبنى عليه في المستقبل من أجل توحيد الصفوف”.

وقالت “إن معوض (نجل رئيس الجمهورية السابق رينيه معوض الذي اغتيل بعد أيام من انتخابه) يتمتّع بالمواصفات المطلوبة، وإذا تبنّى “نواب التغيير” خيار ترشيحه سنواصل دعمه، والاتصالات قائمة من أجل ذلك، أما إذا رأينا وجود مرشّح آخر يحظى بتوافق قوى المعارضة مع نواب التغيير فسنسير به”.

من البرلمان اللبناني (فرانس برس)

من البرلمان اللبناني (فرانس برس)

حزب الله مأزوم

إلى ذلك، اعتبرت “أن حزب الله مأزوم رئاسياً. فهو من جهة لا يستطيع ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، حرصاً على تحالفه مع النائب جبران باسيل، وفي الوقت نفسه لا يمكنه ترشيح باسيل على حساب حليفه فرنجية”.

خيار الفراغ

وأكدت “أن الحزب لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهل الدستورية ويفضّل مع حلفائه خيار الفراغ في الوقت الذي يشهد البلد انهيارا على المستويات كافة”.

من جهته، اعتبر رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” النائب كميل شمعون لـ”العربية.نت” “أن الإتيان برئيس جمهورية مقبول من القوى السياسية عامة والمسيحية خاصة، ضرورة، والمشاورات ستبقى مفتوحة لتأمين هذا “البروفايل” الرئاسي”.

ولفت إلى “أن تصويت ثنائي حزب الله وحركة أمل وحليفهما التيار الوطني الحر بورقة بيضاء دليل على عدم اتّفاق هذا الفريق على مرشّح واحد.

وفي حين ربط رئيس البرلمان الدعوة لجلسة ثانية لانتخاب الرئيس بالتوافق على مرشّح مقبول من معظم الكتل النيابية، لا يبدو أن قوى التغيير في صدد التفتيش عن مرشّح آخر غير الذي دعمته في الجلسة الأولى أي رجل الأعمال سليم إدّه نجل الوزير السابق ميشال إده.

عناصر من حزب الله (أرشيفية- فرانس برس)

عناصر من حزب الله (أرشيفية- فرانس برس)

خيار جدّي لقوى التغيير

فقد أوضح النائب في قوى التغيير فراس حمدان لـ”العربية.نت” “أن خيار سليم إدّه سيبقى قائماً بالنسبة لنا، لأن المواصفات التي وضعتها تلك القوى تنطبق عليه”، معتبراً أنه “وهو بديل جدّي من خارج الاصطفاف السياسي التقليدي”. وقال “الرئيس بالنسبة لنا هو من يحترم الدستور ويلتزم بتطبيق القانون، ونحن اليوم بحاجة لرئيس جمهورية من خارج المنظومة السياسية التقليدية لا يكون بمواجهة فريق دون آخر، لأن سياسة التحدّي أوقعتنا في فراغ رئاسي لمدة عامين وأوصلتنا لانهيار اقتصادي ومالي”.

كما أشار “أن قوى التغيير ستبقى متمسّكة بخيار رجل الأعمال سليم إدّه لغاية انتهاء الفترة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية (أي لتاريخ 31 أكتوبر المقبل موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون)، وبعد هذا التاريخ لكل حادث حديث”.

ومع تشتت قوى المعارضة لمحور حزب الله وحلفائه وعدم توافقها على مرشّح واحد لرئاسة الجمهورية، يبقى حزب الله مُمسكاً بعصمة النصاب أي 65 صوتاً من أصل 128 في البرلمان حتى لو لم يُرشّح أحداً، فيمنع وصول رئيس لا يرضى به.

الفراغ واقع

هذا الواقع قد يقود بحسب مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، كريم بيطار لـ”العربية.نت” إلى الفراغ بعد 31 أكتوبر المقبل، لأن أي مرشّح لن يحظى بالأكثرية المطلوبة”.

ولفت إلى “أن السيناريو المتوقّع ألا تتم الدعوة لجلسة ثانية لانتخاب رئيس قبل أسبوعين أو ثلاثة من تاريخ اليوم، وأن يُشكّل الاتّفاق الخارجي دفعاً نحو مرشّح لا يوضع عليه “فيتو” داخلي”.

من البرلمان اللبناني (فرانس برس)

من البرلمان اللبناني (فرانس برس)

أسهم قائد الجيش سترتفع

إلى ذلك، قال “إذا أدّى الفراغ الرئاسي إلى “تدهور” سريع للوضع الداخلي، لاسيما المالي ما قد ينتج عنه خضّات أمنية، فإن أسهم قائد الجيش رئاسياً سترتفع، لاسيما أنه يتمتّع بسمعة جيّدة ويحظى بثقة داخلية وخارجية”.

أما عن خيار حزب الله، فاعتبر أنه لجأ إلى الورقة البيضاء، لأن حليفيه مرشّحان طبيعيان، باسيل وفرنجية، وهو لا يريد خسارة علاقته بهما، كما أنه ينتظر ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات النووية في فيينا، لاسيما أن أجواءها سلبية حتى الآن”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *