التخطي إلى المحتوى

بيروت/ ستيفاني راضي/ الأناضول

– البرلمان لم يتمكن في محاولته الأولى 29 سبتمبر الماضي من انتخاب رئيس جديد للبلاد حيث انقسمت الأصوات بين عدد من المرشحين في انعكاس لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة
– محلل سياسي: عندما يتم توقيع اتفاق لترسيم الحدود سيأتي رئيس وفق التسوية نفسها المدعومة دوليا
– خبير دستوري: تزامن الشغور الرئاسي مع وجود حكومة مستقيلة يعني عدم وجود وكيل عن رئيس الجمهورية

مرّ شهر منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان دون أن ينجح أعضاء مجلس النواب في انتخابه، لتتفاقم أزمات هذا البلد المثخن.

ويشغل ميشال عون منصب رئيس الجمهورية منذ عام 2016، وتنتهي ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

** كيف يُنتخب الرئيس؟

النظام السياسي اللبناني يقوم على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية (1975ـ 1990)، معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية على أساس المحاصصات بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيين والسنة والشيعة.

ويكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا ورئيس الحكومة سنيا ورئيس مجلس النواب شيعيا.

وتدوم فترة ولاية الرئيس ست سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور ست سنوات على انتهاء ولايته الأولى.

ووفق المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري في مجلس النواب بأغلبية الثلثين في دورة الاقتراع الأولى، وبالأغلبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية.

ولا يُلزم الدستور الراغبين في خوض انتخابات الرئاسة بتقديم ترشيحات مسبقة.

** تنوع برلماني

البرلمان اللبناني يتألف من 128 نائبا، وتتوزع مقاعده بواقع 28 للسنة و28 للشيعة و8 للدروز و34 للموارنة و14 للأرثوذكس و8 للكاثوليك و5 للأرمن ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.

وخلطت الانتخابات الأخيرة، في مايو/ أيار الماضي، الأوراق في البرلمان، حيث تراجع عدد مقاعد “حزب الله” (حليف إيران) وحلفائه لصالح قوى أخرى أبرزها حزب “القوات اللبنانية” و”قوى التغيير”.

وقال الكاتب والمحلل الصحفي طوني عيسى لوكالة الأناضول إنه “لا يمكن الحديث عن وجود طرفين في البرلمان الحالي، بل هناك تنوعا وتحالفات”.

وهذا ما ظهر في الجلسة الأولى التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري لانتخاب رئيس البلاد في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي.

ففي دورة التصويت الأولى بهذه الجلسة توزعت أصوات النواب الحاضرين كالتالي: النائب ميشال معوض حاز على 36 صوتا، ورجل الأعمال سليم إده 11، فيما نال مرشحون آخرون 12، بينما صوّت 63 نائبا بأوراق بيضاء (أبطلوا أصواتهم).

وبعد دورة التصويت الأولى، رفع بري الجلسة إلى موعد غير محدد، بسبب فقدان نصاب الدورة الثانية، قائلا: “عندما يتم التوافق على رئيس سأدعو إلى جلسة لمجلس النواب”.

** فراغ رئاسي

في 2016، أنهى انتخاب عون فراغا رئاسيا استمر 29 شهرا، وحاليا يسود غموض وتخوفات من تكرار مشهد الفراغ في ظل أزمة اقتصادية حادة يعاني منها لبنان منذ أواخر 2019.

واعتبر عيسى أن “وضعية البرلمان لا تسمح لفريق واحد أن يفرض حاليا رئيسا للجمهورية، لذلك على الأرجح سيتم تأجيل العملية الانتخابية إلى أن تنضج ظروف معينة تسمح بوجود نوع من التوافق على الرئيس المقبل”.

ورأى أن “التوافق لن يكون محليا فقط بل خارجيا أيضا”.

واعتبر الخبير الدستوري عادل يمين، في حديث للأناضول، أن “الضبابية تعتري المشهد الانتخابي الرئاسي”.

وتابع: “من الواضح أنه يستحيل إجراء أي عملية انتخاب من دون حصول شبه توافق، لأن الدستور والعرف يفرضان توافر ثلثي عدد النواب أي 86 من أصل 128 في جميع جلسات ودورات الاقتراع”.

ولا يستحوذ أي فريق سياسي في البرلمان على هذا العدد من النواب، ما يجعل التحالفات ضرورية بين أعضائه للتوافق على رئيس جديد للبلاد.

** من يحكم في الفراغ؟

في 23 يونيو/ حزيران الماضي، كلّف عون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بناء على استشارات نيابية نال فيها ميقاتي 54 صوتا.

إلا أن هذه الحكومة لم تُبصر النور حتى اليوم، نظرا إلى التعقيدات السياسية في البلاد.

وقال “يمين” إن المادة 62 من الدستور تنص على أنه “في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء”.

وأضاف أن “هذا يعني أن الوكيل عن رئيس البلد يكون مجلس الوزراء أي الهيئة المجتمعة بصيغة مجلس الوزراء”.

وأشار إلى أن “الحكومة المستقيلة لا تنعقد بصيغة مجلس وزراء إلا نادرا واستثنائيا، لذا لا يمكنها أن تتولى صلاحية رئيس الجمهورية”.

وتابع أن “الدعوة إلى الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء يقوم بها رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة وفق الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور”.

وأردف: “في حال كانت الرئاسة شاغرة فلن يكون هناك من مرجع دستوري مختص لدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد استثنائيا”.

وأوضح “يمين” أن “المادة 64 من الدستور تحصر صلاحيات الحكومة المعتبرة مستقيلة في تصريف الأعمال، فلا يمكنها أن تتولى أي مرجع دستوري آخر”.

وأكد أن “تزامن الشغور الرئاسي مع وجود حكومة مستقيلة يعني عدم وجود وكيل عن رئيس الجمهورية، لأن على الوزراء الاكتفاء بتصريف الأعمال في وزاراتهم ورئاسة الحكومة.. ولا تحل الحكومة المستقيلة مكان رئيس الجمهورية بالوكالة”.

** ترسيم الحدود والرئيس

ربط عيسى بين التوافق على رئيس جديد وبين الاتفاق المرتقب على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية.

واعتبر أن “الجميع، ولاسميا “حزب الله”، ينتظر الظرف المناسب لاختيار أو تزكية رئيس معين للبلاد، وهذا الأمر ينتظر التطورات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية”.

واعتبر أنه “عندما تنضج هذه التسوية ويتم التوقيع على الاتفاق يتم المجيء برئيس وفق التسوية نفسها التي تمت والمدعومة دوليا”.

والثلاثاء، أعلن نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب أن بلاده سلمت ردها إلى الولايات المتحدة وطلبت تعديلات على مسودة اتفاق مقترح لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

وسبق وأن تسلم لبنان السبت من الوسيط الأمريكي آموس هوكستين اقتراحا لترسيم الحدود.

ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، وتتوسط واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية النزاع وترسيم الحدود.



الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *