التخطي إلى المحتوى

على طاولة الاجتماع الثلاثي في بعبدا عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، الذي دعا اليه الرئيس ميشال عون كلاً من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومسودة المقترح الاميركي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي سلمته السفيرة الاميركية دوروثي شيا إلى الرؤساء الثلاثة السبت الماضي، وأعده الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، وسلمه إلى الجانبين اللبناني والاسرائيلي لوضع الملاحظات عليه تمهيداً للخطوة التالية، التي قد تكون العودة إلى المفاوضات في الناقورة بين الوفود المعنية، برعاية اميركية.

جاء في الخبر الرسمي، الذي وزعه قصر بعبدا، ان الرئيس عون تسلم من شيا «عرضاً خطياً من الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية البحرية يتعلق بترسيم الحدود من ضمن مسار المفاوضات».

وتوقعت مصادر سياسية ان يوافق لبنان رسميا على مسودة الاتفاق التي تسلمها المسؤولون من الجانب الاميركي يوم السبت الماضي، وان يمضي قدما بالسير بباقي الإجراءات التي تثبت الاتفاق ، بما يمكن لبنان بعدها من المباشرة فعليا،بواسطة الشركات، المباشرة بعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة المحددة له بموجب الاتفاق وقالت: ان ردود الفعل الاولية استنادا الى قراءة بنود الاتفاق، يمكن القول،ان ماتم التوصل اليه في الخلاصة النهائية، هو بمثابة تسوية بين لبنان وإسرائيل، بتدخل فاعل ووساطة من الولايات المتحدة الأمريكية، لانه لم يعط كل دولة ما كانت تطالب به،لا لبنان ولا إسرائيل، بل تم التوصل الى تقسيم المنطقة المختلف عليها، بحيث اعطيت كل دولة مساحة وسطية، بين ماتطالب به وما هو ممكن، وفي الخلاصة ظهرت الدولتان رابحتين من الوساطة الاميركية، بما يمكنها من المباشرة باستخراج النفط والغاز من المنطقة بأجواء هادئة ومؤاتيه، بعيدا عن التهديد بالحرب اوالتوتير المتواصل.

واشارت المصادر الى ان النقاش بعد ذلك سينتقل الى كيفية تخريج هذه التسوية الفاقعة نسبيا، ان كان من خلال اجتماعات الناقورة، او بوثيقة رسمية ترعاها الأمم المتحدة، توقع خلالها الدولتان،الأوراق الرسمية، كل بمعزل عن الاخرى، بما لا يدع مجالا للشك، بانه مقدمة لاتفاق سلام اوما يشبهه بين لبنان وإسرائيل.

واعتبرت المصادر ان ما سرع بالتوصل الى التسوية المذكورة، هو عامل الافادة المشتركة للدولتين من الثروات الموجودة في باطن البحر،والتي تؤشر كل الوقائع بانها تحتوي على كميات ضخمة من الغاز والنفط من جهة، وحاجة الولايات المتحدة الأمريكية لتسريع ضخ كميات، من الغاز إلى أوروبا على أبواب الشتاء المقبل،لتعويض النقص القائم بالطاقة بسبب الحرب باوكرانيا، ولتقليص محاولات الرئيس الروسي لابتزاز الغرب عموما، لكبح جماح دعم اوكرانيا بالسلاح والمال،والسكوت عن مسؤوليته المدمرة عن هذه الحرب، وليست تهديدات حزب الله اوغيرها، ووصفت كل ما يصدر عن بعض القوى السياسية الاسرائيلية، وتلويحها بالانسحاب من هذه التسوية كما صرح بنيامين نتنياهو بالامس، بانه كلام انتخابي صرف للاستهلاك الداخلي في إسرائيل على أبواب الانتخابات الاسرائيلية قريبًا.

من ناحية اخرى، حددت المصادر موضوع البحث في اللقاء المرتقب بين الرؤساء الثلاثة اليوم بموضوع المسودة التي تسلمها لبنان من الجانب الاميركي، وكيفية صياغة الرد اللبناني، نظرا لحساسية الموضوع واهميته.

وقالت الخارجية الاميركية ان المنسق الخاص في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل يواصل انخراطه لانهاء المناقشات.

وتابعت: «قدمنا مقترحا اميركياً بشأن اتفاق نهائي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل ونرحب بالروح التشاورية للطرفين في التوصل إلى حل ونعتقد ان التسوية الدائمة ممكنة».

وأردفت: «حل النزاع بشأن الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل يمثل اولوية رئيسية لادارة بايدن ونعتقد ان الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين سيعزز الاستقرار في المنطقة».

وعلى الفور، اجرى الرئيس عون اتصالين بكل من الرئيسين بري وميقاتي، واتفقا على عقد الاجتماع الثلاثي، الذي سيسبقه اجتماع تقني في بعبدا، دعي اليه ممثلو الرؤساء واللجنة الفنية الخاصة، على ان يرفع تقريراً إلى الاجتماع الرئاسي، بعد التدقيق في النص المكتوب باللغة الانكليزية، وعدم تجاهل نظام الاحداثيات، والترسيم البري للبنان بما يحفظ حقه على طول الخط الأزرق.

وأشارت معلومات “اللواء” الى ان اللجنة التقنية المكلفة دراسة الرسالة الاميركية ستجتمع بحضور الرئيس عون، لبحث التفاصيل التقنية والاحداثيات والارقام التي تضمنتها الرسالة حول خط الحدود البحرية وتضع تقريرها حوله.

وافادت المعلومات ان الاجتماع التقني سيضم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم،ومستشار برّي علي حمدان.

وسيضع الرؤساء الثلاثة اليوم صيغة موحدة تشكّل الرد اللبناني، يتم بعدها التوقيع على المقترحات الاميركية في مركز قيادة القوات الدولية في الناقورة، لكن بنسختين واحدة يوقعها لبنان واخرى توقعها اسرائيل، بحيث انه لن تكون هناك نسخة واحدة يوقع عليها الجانبان لقطع الطريق على اي كلام حول تطبيع العلاقات.

وتوقعت المصادر ان يتم الانتهاء من هذه العملية خلال اسبوعين ليتم التوقيع على الاتفاق نتيجة الاستعجال الاميركي على انهاء المفاوضات.

واوضحت المصادر ان كل المسؤولين المعنيين اكدوا ان منحى الرسالة إيجابي.

وأشارت معلومات «اللواء» الى من مصادر رسمية، ان المقترحات الخطية للوسيط الاميركي لبّت كامل مطالب لبنان، سواء لجهة حق لبنان بكامل حقل قانا، او تثبيت الخط 23 للحدود لكنه سيكون مستقيماً لا متعرجاً، بحيث لا تقتنص اسرائيل اي مساحة لبنانية من اي حقل لبناني، ومن دون اي التزام لبناني مالي للكيان الاسرائيلي كتعويض، والفصل بين الخط البحري وخط الحدود البرية بما يعني عدم المساس بالنقطة البرية «ب1»، كما ان شركة توتال الفرنسية ستباشر التنقيب في الحقول اللبنانية كاملة بلا حصة أو مساحة منها لأسرائيل فور توقيع الاتفاق . وهناك تفاصيل تقنية اخرى في الاحداثيات والمعلومات التي وصلت من دون خرائط جرت دراستها من قبل الخبراء المختصين في الجيش وهيئة الطاقة.

وأفادت معلومات “النهار” ان ميقاتي احتكم إلى التمهّل قبل إبدائه انطباعاً أوليّاً حول رسالة هوكشتاين، ويتطلع إلى الترسيم البحري من منظار إيجابي لتسهيل مهمّة استخراج الغاز.

من جهة أخرى، أشارت “الانباء الالكترونية” الى ان مع الترقّب الذي يسود ضفة ملف ترسيم الحدود البحرية، وما سيخرج به اجتماع اللجنة التقنية المكلفة دراسة المقترح الأميركي الذي تسلّمه لبنان، والذي سيليه اجتماعٌ لرؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي في بعبدا لمناقشة المقترح والتوقيع عليه إذا لم يكن هناك من نقاط تستوجب إعادة النظر فيه وتعديله، استبعدت مصادر تقنية متابعة لهذا الملف أن يوقّع الجانب اللبناني على العرض الأميركي قبل نهاية الاسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل “لأن أي تعديل على العرض الأميركي يفترض مراجعة الوسيط  آموس هوكشتاين، وهذا الأمر يتطلب مهلة اسبوع أو أكثر”.

المصادر  لفتت في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى “وجود نقاط مبهمة في ما يتعلق بنقطة انطلاق عملية الترسيم، إذ فيما تتمسك اسرائيل بالخط الفاصل بينها وبين لبنان، يصر الجانب اللبناني على موقفه القائل بأن الترسيم المائي مختلف عن الترسيم البري، ما يجعل الخط 23 بالكامل ضمن المياه الإقليمية اللبنانية”.

في هذا السياق لفتت الخبيرة في شؤون النفط والغاز الدكتورة لوري هايتيان عبر “الأنباء” الالكترونية إلى أنها “المرة الأولى التي تصدر فيها المعلومات عن الترسيم من الجانب الاسرائيلي أكثر من الجانب اللبناني، ربما بسبب الانتخابات الاسرائيلية التي أصبحت على بعد أيام واستغلال الموضوع للدعاية الانتخابية، في مقابل تكتم شديد من الجانب اللبناني الذي حتى تاريخه لم يسرّب أية معلومات حول هذا الموضوع، بينما إسرائيل تتحدث عن تعويضات وضمانات أمنية في حال تم اكتشاف الغاز في حقل قانا. أما الجانب اللبناني الذي يتكتم على الموضوع فيقول بأنه حصل على كل شيء من نقطة الانطلاق الموجودة على الخط 1”.

وأضافت هايتيان: “على ما يبدو أن هذه النقطة تعود لتشتبك مع الخط 23، فهذه المنطقة قريبة من بعضها، وهذا مطلب أمني لإسرائيل لأنها لا تريد ان يترسخ أي شيء له علاقة بالبر اللبناني”.

أما في الشق السياسي فمن الواضح أن ملف الترسيم والتطورات المتعلقة به تقدمت بأشواط على ملف تشكيل الحكومة التي قد تتأخر ولادتها.

مصادر سياسية اعتبرت في اتصال مع الأنباء الإلكترونية أن “الخطاب التهدوي لأمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي بشر اللبنانيين بوجود فسحة أمل قد تأتي هذه المرة من اعماق المياه الإقليمية اللبنانية، يدل على مؤشرات ايجابية”، لكنها شددت على أن “استخراج الغاز والنفط مرتبط بالملف النووي الايراني ورفع الحظر  عن النفط والغاز الإيرانيين، فلبنان لا يمكن الاستفادة من ثروته من النفط والغاز قبل أن تجوب ناقلات النفط الايرانية البحار”.

وعليه فإنه رغم تيقن الجميع أن توقيع ترسيم الحدود لا يعني أن الغاز والنفط باتا في متناول لبنان واللبنانيين، إلا أن الكل ينتظر أن يحصل هذا التحول الإيجابي لعله يعكس تداعيات مفيدة ولو قليلة على مجمل الحياة الثقيلة بالازمات على الناس.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *