التخطي إلى المحتوى

اعاد رئيس الجمهورية ميشال عون بتاريخ 31/08/2022 الى مجلس النواب القانون الذي أقر في المجلس خلال شهر تموز وتضمن تعديلات كبيرة على قانون السرية المصرفية المعمول به في لبنان . 
وقد ارفق المرسوم الرئاسي بالموجبات والملاحظات القانونية على التعديلات التي أقرت والتي بنيت أساساً على تناقض مع القوانين الجزائية المعمول بها في لبنان ومنها صلاحيات النيابات العامة إضافة الى دور وصلاحيات لجنة الرقابة على المصارف ومؤسسة ضمان الودائع ، مع الإشارة الى ضرورة مراعاة القوانين اللاحقة المطلوب إقرارها ومنها الموازنة العامة والكابيتال كونترول وهيكلة المصارف وقانون التعافي المالي إضافة الى المفعول الرجعي للقانون حيث أثير موضوع شرعية وقانونية المفعول الرجعي للتطبيق وخاصة على الأشخاص والكيانات المستهدفة برفع السرية المصرفية عنها سواء كانت قطاع عام أو أحزاب أو جمعيات أو أفراد.

لقد عمدت لجنة المال والموازنة في جلستها المنعقدة بتاريخ 11/10/2022 بحضور عدد من اعضائها وممثلين للقطاعات المعنية الى دراسة الملاحظات وتوصلت الى إصدار توصيات أهمها أن التعديلات المطلوبة على قانون التعديل قد تجعل إلغاء قانون السرية المصرفية بالكامل أفضل، لا سيما وأن التعديلات والملاحظات تتضمن رفعاً للسرية المصرفية عن المصارف وحسابات العملاء وأشخاص القطاع العام من دون قيد.
إن إرادة المشترع اللبناني، عند إصداره قانون السرية المصرفية، لم تكن منصرفة إلى بسط حماية قانونية على أموال محصلة بطرق غير مشروعة، بدليل ما ورد في أسبابه الموجبة حول الغاية منه، وهي: السعي لجذب الرساميل الأجنبية إلى لبنان وبصورة خاصة رساميل الدول العربية، وإن المنافع التي سيجنيها الإقتصاد ستعوض كفاية عن الأضرار التي قد يلحقها هذا التشريع بخزينة الدولة لجهة تحصيل الضرائب. فعندما تفرض عملية رفع السرية ودون قيد يصبح القانون الأساسي غير ذي فائدة ومنفعة وبالتالي تنتفي قانونية بقائه وعلى المشترع الإقرار بأن إلغاء القانون أفضل من تعديله لا سيما وأن القانون يجب أن يراعي قانون مكافحة تبييض الاموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي وغيرها من قوانين أقرت سابقاً أو ستقر لاحقاُ.

قد يكون من المبرر إجراء بعض التعديلات على قانون السرية المصرفية بصيغته القائمة، ولكن من المؤكد أن أي تعديلات أو تغيير في شروط رفع السرية المصرفية لا يجب أن تقر قبل ضمان وتأمين استقلالية السلطة القضائية بالكامل، وهذا  الامر أضاء عليه عدد من النواب لا سيما النائب جورج عقيص.
ان تعديل قانون السرية المصرفية كان هدفه منع الاثراء غير المشروع والمضاربات على العملات وتبييض الاموال الناتج عن التجارة الكبيرة غير المشروعة والتي هي أصلاً ممنوعة بالقانون  مع الإشارة الى تعدد الجهات التي تستطيع التقدم بطلب لرفع السرية المصرفية عن أشخاص أو كيانات أو جمعيات أو غيرها ، وهذا الامر يوجد ما يسمى تناقض الصلاحيات والمسؤوليات في وقت أنيط حق الإعتراض بالتقدم بإعتراض أمام قاضي الأمور المستعجلة ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك، يقول الخبير الاقتصادي بلال علامة لـ”لبنان 24″

 لقد أقر مجلس النواب أمس قانون رفع السرية المصرفية بعد مناقشته بندا بندا بشكل موسع وادخال تعديلات عليه في ضوء ملاحظات رئيس الجهمورية ومطالب صندوق النقد الدولي، علما ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري وفي ضوء مزايدات النواب حيال رفض الخضوع لشروط الصندوق، أشار إلى أن صندوق النقد لا يتحكم بالبلد، لا هو ولا غيره ، لكنه شدد على التعاطي مع الصندوق وفق مصلحة البلد.
في بداية مناقشة بند السرية المصرفية شرح رئيس لجنة المال التعديلات في ضوء ملاحظات صندوق النقد معلنا انه كان على تواصل مع ممثليه لساعات طويلة طيلة الفترة الماضية، وملاحظات الرئيس ميشال عون. فقال: أصبح هناك قضاء مختص واللجنة استندت الى قانون مكافحة الفساد وغيره من القوانين المتصلة. وسأل ما هي الضمانات للمودع اللبناني بدخول الادارة المالية على الحسابات من دون آلية او قضاء؟ مضيفا وضعنا ضوابط والضابط هو قاضي الامور المستعجلة.
أما النائب جورح عقيص فرأى ان هناك اتفاقات دولية مسّت بشكل واضح بالسرية المصرفية في لبنان. ولدينا قانون يحمي البيانات الشخصية، نتمنى أن نقر قانون استقلال السلطة القضائية. ووافق النائب ابراهيم منيمنة النائب عقيص، قائلا: فلترفع السرية ونستعيض عنها بقانون لحماية البيانات الشخصية.
وبالنتيجة ووفق التعديلات التي أقرت جرى توسيع رقعة المشمولين برفع السرية المصرفية لتتضمن، إلى جانب الموظف العمومي المعين أو المنتخب والبلديات والمخاتير والمرشحين إليها، أزواجهم وأولادهم القاصرين، والأشخاص المستعارين والمؤتمنين والأوصياء وأصحاب الحق الاقتصادي ورؤساء الجمعيات وأعضاء الهيئات الإدارية التي تتعاطى الشأن السياسي وهيئات المجتمع المدني والاجتماعي ورؤساء إدارات المصارف ومجالس إدارتها وأصحاب الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة وأعضاء مجالس الإدارة وغيرهم، وقد أقر شمولهم بالمفعول الرجعي، بالعودة إلى العام 1988. وجرى استبدال القضاء المختص في دعاوى التحقيق المتعلقة بجرائم الفساد بالقضاء المختص في جرائم الفساد كما تمت الموافقة على توسيع صلاحية طلب الإدارة الضريبية رفع السرية المصرفية لتشمل الالتزام الضريبي والتدقيق، وتم منح لجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع ومصرف لبنان حق طلب رفع السرية المصرفية عن عدد من الحسابات وفق معايير محددة دون أن يقارن ذلك بالاسماء. وأعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إن ثمة حاجة لرفع السرية عن الأسماء لتوزيع الخسائر وهيكلة القطاع المصرفي في المستقبل، لكي  لا يخلق الأمر خلافا مع صندوق النقد، إلا أن النائبين كنعان وجورج عدوان كانا بالمرصاد حيث رفضا ذلك بحجة حماية الداتا الخاصة بالمودعين.

أمام كل ذلك، هل يعترض صندوق النقد الدولي مجددا على القانون لا سيما وأنه يركز على ضرورة أن تمنح لجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع صلاحية كاملة في طلب رفع السرية المصرفية في إطار عملية هيكلة المصارف؟

ويسأل علامة من جهته، هل كان من الأفضل أن يعمد لبنان إلى إلغاء عقد السرية المصرفية بالكامل بعد رفعها جزئياً وبشكل مبهم من خلال اقرار التعديلات؟  حيث لا يمكن تعديل القانون الذي يتسم بالقوة المطلقة جزئياً بحيث يصبح يمتلك قوة جزئية في ظل عدم قدرة مؤسسات الدولة الرسمية على فرض تطبيق القانون بالقوة المطلقة وبالعدالة الكاملة على كافة أراضيها وعلى كل مواطنيها.ولا يمكن الركون إلى إعطاء حق رفع السرية المصرفية إلى جهات عدة في ظل غياب مرجعية المقاضاة والمحاسبة.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *