التخطي إلى المحتوى

عاد اسم «بكركي» ليتصدر مشهد الاستحقاق الرئاسي في لبنان بعد شبه غياب عن الصدارة تراجعا أمام النفوذ الحزبي الطائفي.. وكانت «بكركي» ـ وهي مركز البطريركية المارونية لسائر الشرق ومحل إقامة البطريرك الماروني ـ كانت صاحب الصوت الأقوى والمسموع في ترشيح رئيس الجمهورية «المسيحي».

وبات واضحا ـ مؤخرا ـ استعادة البطريرك بشارة الراعي  لدور ونفوذ «بكركي» داخل المشهد السياسي اللبناني، وخاصة داخل دائرة البحث عن رئيس بمواصفات محددة.

الكنيسة ترسم صورة الرئيس الجديد

وهكذا.. لا تقف بكركي في «المعمعة» القابلة للاحتدام، مع اقتراب شهر سبتمبر/ ايلول، وصولاً إلى الأيام العشرة الأخيرة من  شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وهو شهر الانتخاب او الفراغ الرئاسي، «بين بين»، أي لاتقف على الحياد، فهي  لها رؤيتها لترشيح الرئيس اللبناني الجديد.

فقدرة الرئيس – حسب البطريرك الراعي – تنبع من أخلاقه، ومناعته أمام الإغراءات، وقدرة الرئيس هي خبرته في الشأن العام، فلا يأتي على أساس دفتر شروط من هنا وهناك.

  • وبمعنى أن الرئيس ليس ابن بيئته ـ كما يرى النائب جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر ـ بل هو ابن خلقيته، وليس ابن كتلة نيابية وشعبية، بل هو ابن الخبرة في الشأن العام.
  • وخلافاً لرؤية  سمير جعجع ـ رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية ـ  فالرئيس عليه وضع حدود الدولة في الداخل والخارج، وليس عبر الخضوع للشروط من هنا وهناك.

دور الإكليروس المسيحي

وإذا كان التمثيل السياسي (النيابي والحزبي) المسيحي، يلعب على مسرح خشبة الاستحقاق الرئاسي،  فإنه ـ وليس بعيداً عن المسرح نفسه ـ نجد دور الإكليروس المسيحي أيضاً، وكأن الرئاسة شأن مسيحي، أولاً وأخيراً، وهو يحاول أن ينتزع مشروعية تسمية الرئيس، أو استبعاد تسمية الرئيس، أو على أقل اعتبار لا تكون الكلمة الأولى لهذا الطرف أو ذاك، أو للأطراف الأكثر تلاعباً بعصب الشارع، أو عصبية الجمهور و«تعصبه»،  وأن على الأطراف المسلمة، لا سيما الحليفة أو غير الحليفة كحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي، والشريك السني في السلطة التنفيذية، أن تذعن للتسمية، وأن تقبل ما يتفق عليه المسيحيون «بأقويائهم» وضعفائهم حتى لا يختل التوازن اللبناني، ويفرض على المسيحيين ما لا يطيقون.

  • اللافت.. أن تداوُل بعض الأسماء في البورصة الرئاسية شجّع عددًا منهم للقيام بزيارات إلى مرجعيات روحية وفعاليات سياسية وشرح خططهم للخروج من دوامة الإنهيارات الراهنة!

استبعاد  فرنجية وجعجع

ومع طرح بعض الأسماء لاختيار من يترشح للرئاسة، نجد ـ مثلا ـ أن جعجع  يتفق مع كثيرين، حول استبعاد سليمان فرنجية (ولكل اعتباره من حيث علاقته بتحالف 8 آذار إلى العلاقة الحميمة مع الرئيس السوري بشار الأسد).

ونجد ـ مثلا ـ من باسيل إلى جنبلاط، والزمر النيابية الموزعة تحت تسميات متعددة، ومعظم هؤلاء يتفقون على استبعاد جعجع نفسه عن الرئاسة، أو على أن يكون له أي دور حاسم على هذا الصعيد، هكذا تدل المؤشرات الراهنة، والتجارب التاريخية.

الفرصة الأخيرة لتبيان الخيط الأبيض من الأسود

وعلى صعيد تشكيل الحكومة الجديدة، كشف مصدر سياسي لبناني بارز أن اللقاء المرتقب هذا الأسبوع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي، يشكّل الفرصة الأخيرة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي من خلاله يتقرر مصير المساعي الرامية إلى تشكيلها،

  • هذه المسألة الحكومية المعقّدة هي بالنسبة إلى البعض، محاولة للاستحواذ على رئيس الجمهورية المقبل «أيكون تحت قبضتي او قبضتك»؟ أم يكون رئيساً للبنان كله، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، راعياً لمسيرة خروجه من أزمته الكبرى على كل المستويات، متسلّحاً بدعم جامع يفترض ان يقدّمه له الجميع، فيقود السفينة معهم إلى شاطئ الخلاص

وأخيراً فإن اشتداد الصراع حول تشكيل الحكومة بدأ يشكل قلقاً من ارتفاع منسوب المخاوف من أن البلد يقف على مشارف إيقاعه في فراغ رئاسي ما لم تبادر القوى الكبرى والإقليمية المعنية بانتخاب الرئيس في موعده للنزول بكل ثقلها لقطع الطريق على من يراهن بأن الفراغ سيكون مديداً.

 كفة الفراغ الرئاسي.. الأكثر ترجيحا

وترى الدوائر السياسية والإعلامية في بيروت، أن كل المؤشرات الراهنة لا توحي بحصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، مما يعني أن كفة الفراغ في الرئاسة الأولى هي الأكثر ترجيحاً، وهذا الأمر بحد ذاته يتطلب وجود حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، لتُناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، وتقطع الطريق على الجدل حول دستورية حكومة تصريف الأعمال في ممارسة تلك الصلاحيات، وما يرّوج له فريق وحلفاء الرئيس ميشال عون، عن عزمه البقاء في المقر الرئاسي (قصر بعبدا) ، بحجة أن الحكومة المستقيلة لا تستطيع القيام بمهام الرئيس .

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *