ت + ت – الحجم الطبيعي
شهد سوق تأجير السيارات في الإمارات انتعاشة كبيرة خلال جائحة «كوفيد 19» وما بعدها.
ففي الوقت الذي ضغطت فيه الجائحة على حجم مبيعات المركبات بسبب الإغلاق وما نتج عنه من تداعيات، فإن سوق التأجير انتعش في المقابل، بل ودخلت عليه متغيرات كثيرة، كان أبرزها التقدم التقني المذهل الذي غيّر مشهد السوق بأكمله، من حيث سرعة وسهولة إجراءات التأجير، أو دخول زائر جديد هو المركبات الكهربائية التي باتت موجودة وبنسبة لافتة، فيما ينتظر السوق فترة ذهبية خلال الربع المتبقي من العام الجاري بفضل النمو السياحي المتوقع، وخاصة في دبي بسبب تنظيم مونديال قطر أواخر العام الجاري ولجوء قطاع كبير من مشاهدي المباريات إلى دبي للإقامة فيها لتيسير سفرهم إلى الدوحة، فضلاً عن الإجراءات والتيسيرات التي لجأت إليها حكومة دبي فيما يخص التأشيرات السياحية، والتي بالتأكيد سوف تزيد من أعداد الزائرين.
وتوقع تقرير صادر عن مؤسسة «موردر إنتيليجانس» أن هناك انتعاشة كبيرة تنتظر سوق تأجير المركبات خلال الفترة المقبلة، استناداً إلى عدة عوامل أبرزها: الانتعاش الكبير في القطاع السياحي وخاصة في دبي، وكذلك التغير الحاصل في تفضيلات المستهلكين الذين باتوا أكثر ميلاً لاستئجار السيارات بدلاً من امتلاكها، حيث تغيرت ثقافة الامتلاك بالفعل لدى شريحة ليست بالقليلة، كذلك أدى الظهور الكبير لمنصات التأجير الرقمية في السوق إلى تسهيل عملية الاستئجار بشكل كبير، وهو ما زاد من معدلات الإقبال عليها.
وذكر التقرير أن سوق تأجير السيارات في الدولة وصل إلى 3.6 مليارات درهم العام الماضي، مع توقعات بوصوله إلى 6.3 مليارات بحلول نهاية 2027، بنمو سنوي مركب نسبته 11.8 %، مشيراً في هذا السياق إلى النمو الكبير في عدد الأفراد الذين يسافرون إلى الإمارات بغرض العمل أو الترفيه، وهو الأمر الذي أسهم في زيادة الطلب على خدمات التأجير، كما أسهم الانتشار الكبير في شبكة الإنترنت بجميع أنحاء الدولة فى تمكين الشركات العاملة بالسوق من جذب عدد أكبر بكثير من المستهلكين من خلال استخدام تطبيقات الهاتف المتحرك والتي أصبحت بالعشرات.
قطاع ناجح
وفي هذا الصدد، قال سليمان الزبن، مدير عام «هيونداي الإمارات»، نائب رئيس مجموعة قطاع السيارات في أبوظبي، وعضو مجلس إدارة مجموعة عمل وكالات السيارات في دبي، إن سوق تأجير السيارات بدأ يشهد تغييراً في مفهوم «ownership» أو «الامتلاك» إلى مفهوم «usership» أو «الاستخدام» وهو أمر بدأ ينتشر في العالم بأكمله والإمارات بطبيعتها سباقة إليه، فالطبيعي عند الغالبية حب التملك، لكن اليوم مع التغير الذي يحدث بدأ ينتشر مفهوم استخدام المركبة وليس امتلاكها وهو ما أدركه المستهلكون وبالتالي استوعبه سوق تأجير السيارات سريعاً ولذلك انتقل الفرد إلى عملية الاستئجار بشكل سريع ومتنامٍ.
وأضاف أن عملية التأجير في حد ذاتها تغيرت من مفهوم التأجير التقليدي القائم على ذهاب الفرد إلى مكتب التأجير إلى الحلول الذكية والتي يمكن توفيرها بشكل سريع.
فعلى سبيل المثال: إذا كان هناك شخص ما قادم إلى الإمارات ويخطط لقضاء عام واحد فقط فيها فإنه ليس مجبراً لشراء سيارة خلال هذه الفترة فقط، بل يمكنه الاختيار بين عدد لا حصر له من الطرازات وبالمواصفات التي يرغب فيها والمدة التي يحددها.منصات
نمو طلبات الشراء
وأشار إلى أن طلبات الشراء من قبل مكاتب تأجير السيارات نمت بشكل كبير وبما لا يقل عن 20 % وأصبحت أساطيلها أكبر بكثير وكان من الممكن أن تنمو بنسبة أكبر من ذلك بكثير، لكن يحد منها استمرار أزمة الرقائق الإلكترونية وعدم توفر المخزون الكافي لدى الوكالات وشح التوريد وهي من بين التحديات التي يعاني منها قطاع تأجير السيارات بطريقة غير مباشرة، فهناك في الوقت الراهن طلبات شراء بكميات كبيرة جداً من قبل مختلف مكاتب التأجير وصلت إلى 5 شهور لكن لا تستطيع الوكالات تلبيتها بسبب نقص المخزون لديها، متوقعاً أن يشهد الربع الرابع انتعاشاً كبيراً في سوق التأجير.
وأكد أن التغير الحاصل في مشهد سوق تأجير السيارات تأثر بشكل كبير بالتقدم التكنولوجي الهائل من حيث انتشار تكييقات الهواتف والتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما أدى لظهور شركات تعمل وفق مفهوم «car sharing» أو «مشاركة السيارة».
فمثلاً لو أراد عميل الذهاب من دبي إلى أبوظبي ولا يمتلك سيارة، سيكون الأمر بالنسبة له يسيراً جداً بفضل تلك التطبيقات التي تخبره بأقرب سيارة متوفرة يمكنه استئجارها عبر تلك المنصات، وقد ساعد على انتشار هذا المفهوم الجديد البنية التحتية التكنولوجية المتقدمة جداً التي وفرتها الدولة والتي ساعدت على انتشار هذا النوع من التأجير.
سيارات كهربائية
وحول دخول السيارات الكهربائية في سوق تأجير السيارات، قال: بالفعل بدأت تتواجد في السوق ولكن ليست بكميات كبيرة لكن باعتقادي أنها في طريقها للنمو بشكل أكبر بفضل توجه الدولة نحو بيئة خالية من الانبعاثات والتحول الكهربائي بشكل عام وهو ما لاحظناه من بدء طلبات شراء سيارات كهربائية من مكاتب التأجير، لافتاً إلى أن حصة السيارات الكهربائية من سوق التأجير تصل إلى 10 %.
وتأكيداً على ذلك، أعلنت «موتور شير»، المنصة المتخصصة في خدمة مشاركة السيارات الكهربائية، عن إطلاق منصتها لمشاركة السيارات الكهربائية في الإمارات، حيث توفر للمستخدمين من خلال منصتها خيارات قصيرة وطويلة الأجل للوصول إلى السيارات الكهربائية الرائدة عالمياً بأسعار معقولة. وبذلك يمكن للعملاء في الإمارات تحديد موقع سيارات «موتور» الكهربائية واستئجارها بواسطة عملية تسجيل بسيطة في التطبيق.
سلوكيات متغيرة
ويزخر سوق تأجير السيارات في الإمارات بالعديد من الشركات العالمية البارزة في هذا القطاع مثل «AVIS» و«SixtSE» و«Hertz»، حيث تتوقع الشركات التي تقدم خدمة تأجير السيارات تطوير خدمات الإنترنت لمواكبة سلوكيات المستهلك المتغيرة.
وتتبنى شركات تأجير السيارات العديد من الاستراتيجيات في مجال تأجير السيارات والتي تشمل تحديث أسطولهم الحالي بمزيد من المركبات لتلبية طلب المستهلكين المتزايد في الإمارات.
وفي هذا الصدد، قال سليمان الزبن: العلاقات بين وكالات السيارات ومكاتب وشركات التأجير طويلة المدى واستراتيجية بين القطاعين، وهناك دعم كبير من قبلنا في خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار وتدريب الكفاءات والمهندسين العاملين في تلك المكاتب وهو ما يساعد على نمو سوق التأجير بشكل كبير رغم شح المخزون لدى الوكالات بسبب أزمة الرقائق ومشكلة التوريد كما ذكرنا، موضحاً أن حصة مكاتب التأجير من القوة الشرائية لدى وكالات السيارات تصل إلى 35 % وهي نسبة كبيرة جداً وتعني أن الإقبال على التأجير كبير ومتزايد.
شركات
من جهتها، قالت شركة «دايموندليس» لتأجير السيارات التابعة لمجموعة «الحبتور»، إنها سجلت زيادة في إيراداتها بنسبة تفوق 52 % في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بعام 2021، مع بلوغ نسبة الاستخدام أكثر من 91 %.
بدورها، كشفت مجموعة الفطيم عن إطلاق «مووف» من الفطيم، خدمة تأجير السيارات الجديدة كلياً، لتوفير أفضل حلول النقل المستدامة والسلسة لعملائها في مختلف أنحاء الإمارات. وتعتمد الخدمة الجديدة شعار «سيارتك على كيفك»، الذي يحرص على مواكبة متطلبات عملاء اليوم المتغيرة باستمرار، ويلبي توقعاتهم بالحصول على خدمات عملية.
وفي هذا الصدد، قال بول ويليس، الرئيس التنفيذي لمجموعة السيارات في الفطيم: تتمحور منهجيتنا في الفطيم حول خدمة العملاء وتقديم أقصى درجات الاحترافية المهنية، بما يضمن لنا مواصلة التوسع وتنويع خدمات التنقل، التي نقدمها لتلبية الاحتياجات المتغيرة لعملائنا. وتعزز خدمة «مووف» من الفطيم مكانة المجموعة في ريادة جهود الاستدامة ضمن قطاع التنقل، كما تلبي الطلب المتزايد على حلول النقل المستدامة، التي يسهل الوصول إليها.
سيارات فارهة
من ناحيته، قال ممدوح خيرالله، مدير عام «رولز – رويس موتور كارز»، المركز الميكانيكي للخليج العربي دبي والمناطق الشمالية، إن المرحلة المقبلة هي الأفضل لتأجير السيارات الفارهة لعدة أسباب منها أن الإمارات وتحديداً دبي تعد مركز جذب غير عادي للسياح، وخاصة الأثرياء، لذلك يمكن القول بأن المرحلة المقبلة الممتدة من الشهر الجاري وحتى مارس المقبل، ستكون فترة انتعاش، فهناك عدد كبير جداً من الفعاليات الكبرى العالمية تستفيد منها دبي منها مونديال قطر، وسباقات «فورميولا ون»، واحتفالات رأس السنة، فضلاً عن الفعاليات الاقتصادية الكبرى، كل هذا الزخم سيخلق حركة غير طبيعية.
وأوضح أن هناك نوعان ممن يقومون بتأجير السيارات الفارهة، الأول الذي يأتي لفترة مؤقتة للاستمتاع بكأس العالم ولا يجد أفضل من دبي للإقامة فيها مستفيداً من بنيتها التحتية المتقدمة جداً. أما النوع الثاني هو السائح الثري الذي يختبر أسواقاً جديدة للاستثمار، وهذا النوع يأتي إلى الإمارات وتحديداً دبي للإقامة فيها فترة لدراسة السوق، ويقوم خلال هذه الفترة بتأجير سيارة فارهة، وكلا النوعين يساهمان في انتعاش سوق تأجير السيارات الفارهة.
وحول تحول سوق التأجير إلى المنصات الرقمية، قال: إن الإمارات وتحديداً دبي تتمتع ببنية تحتية رقمية متقدمة للغاية، لذلك فوجود المنصات الربمية سهل من عملية التأجير بشكل كبير، وخاصة أن اشتراطات تأجير سيارة فارهة كثيراً جداً ومكلفة، لكن تواجد المنصات المتقدمة ساعد على تسهيل عمليات التأجير وتسريعها.
وهنا يجب التمييز بين التأجير بمفهومه المعروف، وخدمة الليموزين والتي تريح العميل بشكل كبير، وهذه الخدمة زاد الطلب عليها بشكل لافت خلال الفترة الماضية، متوقعاً أن يزيد هذا الطلب خلال الشهور المقبلة، وما يحدث معنا في «رولز – رويس» حيث زاد الطلب لكن نقص المخزون لا يساعد على تلبية هذا الطلب المتزايد.
وفيما يخص حجم طلبات شراء السيارات الفارهة من قبل مكاتب التأجير، قال: بالفعل زاد طلب شركات ومكاتب التأجير على سيارات «رولز رويس» بشكل كبير جداً بدأ منذ بداية العام الجاري ومستمر معنا حتى الربع الأول من 2023.
بدوره، اتفق جاتيندر جخال، رئيس التسويق والاستراتيجيات الإعلامية في «إيليت كارز»، مع ما قاله ممدوح خيرالله، حيث أكد على تزايد الطلب على شراء السيارات الفارهة بغرض التأجير، وقال: بهدف تلبية الطلب المتزايد على السيارات الفاخرة وفي سوق آخذ في التوسع مثل سوق الإمارات، توفر «ذي إيليت كارز» أنواعاً متعددة للاختيار من بينها.
ليموزين
واللافت للنظر أن قطاع تأجير سيارات السوبر ليموزين في دبي بدأ هو الآخر يستعيد عافيته بشكل كبير، حيث قال عزت رستم، مدير عام شركة «أكزوتيك ليمو»: إن أعمال سيارات السوبر ليموزين استعادت 30% من حجم أعمالها التي كانت قبل جائحة «كوفيد 19».
وأوضح أن حجم قطاع الليموزين، أو السيارات الفاخرة، كبير جداً، ولكن هنا لا بد من التفريق بين نوعين من الليموزين في السوق، الأول هو السيارة الصغيرة مع السائق، والتي تمثلها خاصة سيارات أوبر وكريم، أو غيرها من سيارات الليموزين، سواء التاكسي، أو سيارات الليموزين العادية، وبين السيارات السوبر ليموزين، الفخمة، والتي يتجاوز طولها العشرة أمتار، وتم تصميمها للحفلات والمناسبات، ولكبار الشخصيات والزوار، والمجموعات السياحية، وهذا النوع من الليموزين محدود للغاية.
تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز
التعليقات