وطنية – شارك عضو هيئة الرئاسة في حركة “أمل” الدكتور خليل حمدان ممثلا الرئيس نبيه بري، في الجلسة الافتتاحية الرسمية للمؤتمر السابع للمجمع العالمي لاهل البيت المنعقد في طهران، تحت عنوان “أهل البيت محور العقلانية والعدالة والكرامة”، والقى كلمة الرئيس بري التي تضمنت مواقف واضحة حول ضرورة الوحدة الاسلامية، وشدد على ان “حالات الانقسام على مستوى الامة هي نتيجة لغياب الحوار وضرورة اعمال العقل والعقلانية لكي يستطيع الانسان العيش بكرامة وبعدالة اجتماعية”.
واكد أن “هذه العناوين تنطبق على الامام المغيب السيد موسى الصدر الذي تمر الذكرى 44 لاخفائه في ليبيا القذافي”، مطالبا المجتمعين بأن تكون “قضية الامام الصدر واخويه سماحة الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين موضوع متابعة، وان يتضمن البيان الختامي للمؤتمر فقرة تعبر عن الوفاء لامام الوحدة الاسلامية والعدالة، والسعي الى كشف حقيقة اخفائه وعودته سالما واخويه الى ساحة جهادهم”.
وفي ما يلي نص كلمة الرئيس بري:
“ينعقد هذا الاجتماع في اطار مؤتمر الجمعية العامة السابع، وسط عملية تطويرية، وتحت عنوان: “محور العقلانية والعدالة والكرامة”، لنتبادل الافكار في مجالات تعزيز الدين الحنيف عالمياً وتأكيد الوحدة الاسلامية لتتكامل الجهود على مستوى الرؤى لمواجهة التحديات الراهنة، والبحث عن حلول للدفاع عن المقدسات في زمن تعيش فيه المنطقة على بحر من الأزمات.
اذاً، نحن أمام مصطلحات حاكمة كشرط من شروط التغلّب على الذات في اطار بناء داخلي، فالعقلانية تكون بتحديد اسباب النهوض وعوامل التراجع بمواكبة علمية وثقافية اعلامية وتربوية وعسكرية، لأن الاعداء يمتلكون من الامكانات ما لا يَحِدُ من أضرارها المباشرة والجانبية الا حشد جميع الطاقات ووضع جميع الامكانات لتمكين الجبهة الداخلية كشرط للانتصار على الخارج، وهذا لن يكون خارج مسار إحلال العدالة لتأمين كل الظروف التي تخوّل المواطن المحلي والكوني ان يعيش بكرامة.
ان حالات الانقسام على مستوى الامّة هي نتيجة لغياب الحوار، وان الصراع، وهو الجامع الأوحد بين مجموعات ودول لا يجمعها شيء اخر، هذا الشيء الاخر الذي ينبغي ان يتمثل بتقريب وجهات النظر احتكاماً لقواعد جامعة لتحديد العدو والصديق، والبحث عن الانسان الدور وليس الرقم.
ايّها الاخوة والاخوات
ان المتتبع لمسار عملية الصراع مع العدو الصهيوني يلاحظ أن الأمّة خاضت معارك ولم تخض حروباً، لأن المعارك العسكرية يخوضها العسكريون، والحروب ينبغي أن تتوظف فيها جميع الطاقات والامكانات على مستوى جميع المواطنين ليكونوا شركاء كل من موقعه، وهذه مَهَمَةٌ ينبغي أن تحاط بمجموعة من الضوابط التربوية والاجتماعية الرسمية والنخبوية والشعبية على حدٍّ سواء، وفي عصر العقلانية المادية والأداتية تمثل العودة إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام تصويباً لمعنى العقل والعقلانية بعملية المصالحة بين العقل والروح، وحيث قال الله تعالى: “وان الدين لواقع”.
وفي المقلب الآخر، نشهد إزدواجية المعايير، إذ تعاني العدالة من إنقلاب الصورة بين قيم التغريب والحداثة، فتتقاسمها المصالح، إذ يدعون لها ويروجون لشعاراتها طالما انك تفكر كما يريدون، وطالما ترى بعينهم فأنت حر بقدر ما يخدم ذلك مصالحهم، مشترطين التنازل عن موازين القيم والمبادئ التي تحمل، ومحاولة إستخدام الآخر لمصطلحات في ظاهرها الدعوة إلى الحرية، وفي باطنها قمع الحريات والاحرار، هم أنفسهم الذين يدَّعُون محاربة الارهاب ويعملون على دعم الارهاب نفسه، وما يجري في سوريا والعراق خير دليل على ذلك، يدعمون الارهاب والارهابيين، ثم يدفعون بالاف الارهابيين ـ ومن اكثر من 80 جنسية ـ يعبرون بهم بأمان لينالوا من صمود سوريا والعراق، وكذلك حاولوا في لبنان وإيران واليمن لإضعاف جبهة المستضعفين خدمة للكيان الأسرائيلي ولمصالحهم بأساليب متوحشة وهدّامة.
وبالرغم من هذه الهجمة الشرسة، فقد تمّ صدها بالتضحية والوعي.
ولكن تبقى المخاطر جاثمة باستمرار الانقسامات الداخلية التي قد تطيح بكل الانجازات التي تحققت.
من هنا، ندعو أهلنا في العراق أن يحتكموا إلى وحدة الموقف بإعتماد إسلوب الحوار، والابتعاد عن لغة تحريض الشارع الذي يفاقم الأزمة، وذلك لن يكون ابداً لمصلحة العراق والعراقيين.
ان قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية في ايران، وإستمرار نموذجها في تحدي الصعاب والنهوض بالبلاد رغم الحصار والحروب، قدم للتجربة الانسانية ما كانت تحتاجه من نماذج، وأثبتت أن مدرسة الرسالة الحقيقية التي تعمل من أجل الانسان على درب الصالحين والمصلحين، لا زالت، وستبقى، عين الحياة وسر التوفيق في مسيرة الكرامة وطلاب العدالة في هذا العالم الذي لا حياة فيه للضعفاء تحت نور الشمس، كما يقول الامام المغيب السيد موسى الصدر اعاده الله.
ايها الاخوة والأخوات
إن هذه المسيرة لها إنموذجها في الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام السيد علي الخامنائي حفظه المولى تعالى، الذي استطاع العبور إلى شاطئ الأمان بالرغم من التحديات الدولية والاقليمية، إذ جاءت المواقف الرائدة والراسخة لهذه القيادة الفذّة لتبقي جذوة الثورة متقدة على قاعدة الإنتصار للمظلومين في وجه الظالمين، وليأتي شعار تقسيم العالم إلى ظالم ومظلوم، وهذا ما أكدته الأحداث والوقائع من فنزويلا إلى فلسطين، ومن لبنان إلى آخر بلد يستغيث فيه مستضعف.
الاخوة والاخوات
ان ما يطرحه مؤتمركم المنعقد من عنوان يجمع بين أركان أساسية لنهضة الأمة بكل ألوان طيفها: العقلانية والعدالة والكرامة.
وكل من هذه المصطلحات تشكل دلالة واضحة على خط ونهج اهل البيت (ع)، ان لجهة العقلانية التي قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [الملك: 10]، لجهة إصرار الدين الاسلامي وتأكيده على الاحتكام الى العقل لفهم الدين،
والعدالة التي هي اساس الملك حيث لا تمييز ولا تفرقة بل ان يكون الناس سواسية ،
والكرامة التي تدل على تميز الانسان، حيث تعتبر كرامة الإنسان الأساس الذي تقوم عليه دعوة الإسلام، وهذه الكرامة تتضمن الحرية وسائر حقوق الإنسان الأخرى في إطار مقاصد الدين الحنيف. وقد ساوى العلي القدير بين الناس جميعاً في الكرامة الإنسانية، أي بين جميع البشر رجالاً ونساء، مسلمين وغير مسلمين، «بيض أو سود »، كلهم سواء في الكرامة الإنسانية، ومعيار التفاضل بينهم هو التقوى. كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
الاخوة والاخوات الكرام
ينعقد إجتماعنا هذا ونحن في لبنان نحيي اليوم الذكرى السنوية الرابعة والاربعين لإخفاء الامام القائد السيد موسى الصدر وأخويه سماحة الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين، الذين تم اخفاؤهم على يد المجرم المقبور معمر القذافي وجلاوزته، فالامام الصدر الذي انتصر للثورة الاسلامية الايرانية، بل كان أحد أركانها مع الشهيد الدكتور مصطفى شمران والاخوة في حركة أمل، أطلق أول مقاومة في لبنان قبل إحتلال الأرض، وصنع من الضعف قوة وسط ظروف بالغة في التعقيد، حيث في لبنان العدوان الصهيوني الذي مارس إجرامه بحق أهلنا منذ عام 1948 وسط تخلي الدولة اللبنانية عن القيام بواجباتها، بل الإصرار على حرمان الناس الصامدين على الحدود من أدنى حقوقهم.
يوم ذاك، كان الموقف الرسمي يعمم مقولة: ان قوة لبنان في ضعفه. وفي ظل هذا المناخ الذي اشتد فيه الصراع الداخلي والتعصب الطائفي، جاء الامام الصدر كداعية للوحدة الوطنية على قاعدة انهاء الحرب الداخلية في لبنان، معتبراً ان الوحدة هي افضل وجوه الحرب ضد العدو الصهيوني، مستمراً في تعزيز المقاومة، وداعياً لتعميمها لقناعته ان العدو الصهيوني لديه اطماع في المنطقة بأكملها، وعدم الدفاع عن ارضنا سيغري هذا العدو بمزيد من الاعتداءات.
جاء الامام الصدر لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، داعياً للقاء حركات التحرر في العالم. وقال: اينما تكون القضية قضية حق، نحن نكون.
من هنا، وتقديراً لهذا الامام الكبير، نتمنى على اجتماعكم، وعلى المؤتمر، ان يتضمن البيان الختامي فقرة تحمل بعض الوفاء له بتقدير دوره، ودور جميع الذين عملوا لمواجهة المشروع الصهيوني الامريكي في المنطقة، وكذلك الدعوة الواضحة للقيادة الليبية الحالية إلى ضرورة العمل بجد لتحرير الامام الصدر وأخويه لعودتهم إلى ساحة جهادهم على قاعدة ثابتة: أن المجرم القذافي مسؤول عن جريمة الاخفاء، وتبقى مسؤولية تحريرهم على عاتق القيادة الليبية الحالية، وهذا برسم جميع الأحرار في العالم، خاصة وأن الجماهير التي اجتمعت بعشرات الالاف في صور في الذكرى الرابعة والاربعين لاخفاء الامام واخويه، تستحق ان نصغي لصوتها وتحقيق مطالبها بعودة الامام الصدر.
واخيراً، فاننا في لبنان معنيون بالدفاع عن ارضنا في وجه العدو الصهيوني والاستفادة من جميع ثرواتنا النفطية ولا نتراجع عن كوب ماء واحد او مساحة بسيطة من ارضنا وبحرنا، وهو عهد المقاومة، عهد حركة أمل بالوحدة والمقاومة في مسيرة التحرير والعدالة، والمقاومة باقية باقية باقية، ليبقى هدف لقائنا العمل على تحرير الوعي في مواجهة محو الذاكرة، وفي وحدة الموقف، اذ لا يمكن التفريق بين المشروع الوطني والعربي والأقليمي والدولي خصوصاً وان الاستهداف واحد يتطلب رفع منسوب التضامن الداخلي بالوعي والوحدة فننتصر، وطاقات هذه الامة تبشر بالخير، وما النصر الا من عند الله العزيز الجبار”.
رئيسي
وقد التقى حمدان ووفد حركة “أمل” الذي ضم المفتي الشيخ حسن عبدالله والدكتور طلال حاطوم وممثل الحركة في إيران الدكتور صلاح فحص، رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران السيد ابراهيم رئيسي، ونقل حمدان تحيات الرئيس بري والأخوة في حركة “أمل” للمرشد السيد علي الخامنئي ولرئيسي والشعب الايراني.
بدوره، حمل رئيسي حمدان والوفد المرافق “اسمى التحيات لدولة الرئيس بري والأخوة في حركة امل مع الدعاء”، متمنيا ان “يكون لبنان بألف خير”.
وكان حمدان ووفد “أمل” وصلوا أمس الى طهران للمشاركة في المؤتمر، وكان في استقبالهم ممثل المجمع في لبنان السيد حسن التبريزي في صالون الشرف في مطار طهران.
==========
التعليقات