التخطي إلى المحتوى

كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:

بحلول يوم امس الاثنين، يكون مضى على ثورة 17 أكتوبر 3 سنوات عجاف، شهد خلالها لبنان ومعه عهد الرئيس ميشال عون، شتى أنواع الانهيارات السياسية والاقتصادية والمصرفية، متوجة بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وهو ما اعتبره الرئيس عون إنجازا لعهده، بينما رأى فيه الخبير الجغرافي الباحث د.عصام خليفة استسلاما، بل خيانة عظمى… إلى جانب تساؤل عضو مجلس النواب ورئيس حزب الوطنيين الأحرار كميل شمعون عن الثمن الذي قبضته إيران مقابل التنازل، المتمثل بالتخلي عن الخط البحري 29، لصالح الطرف الآخر المعادي.

مجموعة من الباحثين وخبراء الجغرافيا ستتقدم بدعوى دولية وأخرى محلية ضد كل من ميشال عون، نبيه بري ونجيب ميقاتي بتهم خرق الدستور والخيانة العظمى ومخالفتهم للرأي العلمي والجيولوجي للترسيم وهو ما كان اتبعه الجيش اللبناني.

ثم يأتي العجز عن تشكيل حكومة جديدة، معطوفا على الشغور الرئاسي المرتقب، بمنزلة إضافة على مضاف، ما أتاح المجال للقوى الخارجية التدخل، بنوايا سليمة، ربما، عبر المسعى السويسري لعقد طاولة حوار بين القوى السياسية اللبنانية في جنيف، على مستوى الصف الثاني، ما قد يشكل تمهيدا لطاولة حوار على مستوى الصف الأول، خلال نوفمبر المقبل، أي بعد تشكيل الحكومة في ربع الساعة الأخير، وتاليا بعد الفراغ الرئاسي، لتتحول المبادرة السويسرية إلى منصة، لانتخاب رئيس جديد، مع ملامسة الدستور القائم، على قاعدة اتفاق الطائف، عبر إعادة النظر ببعض مما يرى فيه الفريق الرئاسي وحلفاؤه، واجب التعديل!

هذا المنحى المستقرأ، للحراك السويسري، هو ما حدا بالقوات اللبنانية إلى مقاطعة العشاء التمهيدي الذي دعت إليه السفيرة السويسرية في بيروت ماريون ويخلت، ممثلي القوى السياسية والأحزاب، بمن فيهم حزب الله، في دارتها مساء اليوم الثلاثاء.

وقال بيان القوات: كنا قد أكدنا المشاركة في هذا العشاء من باب اللياقات الديبلوماسية باعتبارها مناسبة محض اجتماعية، لكن بعد ان أعطي هذا العشاء تفسيرات تتعلق بحوارات داخل البلاد وخارجها، خلافا لما تم التأكيد عليه، من أنها مجرد دعوة إلى عشاء اجتماعي، طلبت القوات إلى النائب ملحم رياشي الذي تلقى الدعوة لذلك العشاء، الاعتذار عن عدم المشاركة.

واعتبرت القوات اننا لسنا بصدد حوار وطني في الوقت الحاضر، انما بصدد انتخابات رئاسية، يجب أن تجري ضمن المهلة الدستورية، ولا يجوز تحت أي سبب أو عنوان حرف النقاش، عن الانتخابات الرئاسية، باتجاه عناوين أخرى، خصوصا ان صرف الأنظار يخدم الفريق الذي يريد الفراغ الرئاسي، بدليل انه لم يتبن أي مرشح حتى الساعة.

كما لم يتبين بالتجربة، ان حزب الله، بصدد مراجعة مواقفه، ومناقشة جدوى سلاحه، وبالتالي لا نرى اي فائدة من استعادة حوارات عقدت عدة حلقات منها، ولم تؤد الى نتيجة.

وخلصت القوات إلى طرح شرطين لأي حوار ممكن، الأول: عدم القفز فوق الاستحقاقات المهمة، كاستحقاق رئاسة الجمهورية، والثاني ان يسبق أي حوار ورقة عمل تلتزم بالدستور وباتفاق الطائف وبالمرجعيات العربية والدولية والثوابت اللبنانية.

وهل يعني ذلك ان ثمة استهدافا لاتفاق الطائف الذي يشكل الصخرة التي بني عليها الدستور اللبناني؟ الحقيقة ليس هناك من يفترض هذا في خلفية الدعوة السويسرية، من الجانب السويسري على الأقل، لكن قد يكون وراء الأكمة ما وراءها، فالدعوة السويسرية هناك من نصح بها، والمصادر المتابعة واثقة من ان غايتها البعيدة الوصول إلى اتفاق الطائف، وعبرها إلى الجهات العربية المعنية بديمومة هذا الاتفاق، ردا على مواقف لم تكن في حسبان المشجعين على التحرك السويسري.

وتذهب المصادر الى أبعد من الطائف، كهدف، الى مبدأ المثالثة، لتحقيق مكاسب إضافية لحزب الله، علما ان في 22 سبتمبر الماضي صدر بيان ثلاثي عن وزراء خارجية أميركا والسعودية وفرنسا، تحدث عن ضرورة التزام اللبنانيين باتفاق الطائف، فما الذي تغير، وهل تتحرك سويسرا خارج هذه المظلة الثلاثية؟ ولم تشمل دعوة السفارة السويسرية حزب الكتائب، واعتبر النائب منيمنة، ممثل التغييريين، ممثلا للسنة في ذات الوقت، الأمر الذي أثار حفيظة المرجعيات الدينية السنية، إلى جانب النواب التغييريين الآخرين، انطلاقا من كونه، اي منيمنة، قاطع اجتماع النواب السنة في دار الفتوى، إضافة الى دعمه الزواج المدني، وحقوق المثليين، الأمر المستقبح والمرفوض إسلاميا.

وغرد النائب التغييري وضاح الصادق على تويتر قائلا: «أكرر أن دستور الطائف مرجعيتي السياسية، وضد أي مؤتمر دولي أو محلي في ظل سلاح الأمر الواقع.

لا أحد يمثلني في أي لقاء في أي سفارة وأرفض البحث بهذا الموضوع من أساسه. أخذت علما بالدعوة الى العشاء عبر الإعلام وهذا بحد ذاته غير مقبول». وتقول مصادر معنية لـ «الأنباء» ان جمعية فرنسية – سويسرية كلفت بإطلاق المبادرة السويسرية المثيرة للجدل.

وأمام اهتزاز موقف التغييريين حيال تمثيلهم بنائب بيروت إبراهيم منيمنة في العشاء الذي كان مقررا اليوم، أعربت مراجع دينية وسياسية لبنانية عن قلقها إزاء خلفية هذا الحراك المحاط بالغموض.

وعلمت «الأنباء» ان هذه المراجع دعت الى صرف النظر عن هذا الحراك، وفي اعتقادها انه بعد نزع الصفة التمثيلية الإسلامية عن النائب منيمنة، ان عشاء اليوم ان لم يلغ فقد جدواه.

وبعد هذه التطورات أصدرت السفارة السويسرية في لبنان وسورية بيانا لاحقا، أكدت فيه أن «سويسرا تعمل بنشاط في لبنان منذ سنوات عديدة، بما في ذلك في مجال منع نشوب النزاعات وتعزيز السلام»، مشيرة إلى أنه «خلال الشهرين الماضيين، وبالتعاون مع منظمة مركز الحوار الإنساني التي تتخذ سويسرا مقرا لها، تواصلت سويسرا مع جميع الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية والإقليمية والدولية للتحضير لمناقشات تشاورية وليس مؤتمر حوار».

وأضاف: «من التقاليد السويسرية بذل مساع حميدة عندما يطلب منها ذلك، تأتي هذه المناقشات المزمع عقدها نتيجة مشاورات سابقة مع جميع الأطياف السياسية اللبنانية والإقليمية والدولية، في ظل احترام تام لاتفاق الطائف والدستور اللبناني».

وأشارت السفارة في بيانها إلى أن «العشاء غير الرسمي الذي كان من المفترض أن يقام هذا الثلاثاء في منزل السفيرة السويسرية، يهدف إلى تعزيز تبادل الأفكار بين مختلف الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية»، وأردفت: «الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام لا تشمل أسماء المدعوين فعليا، مع هذا، فقد جرى تأجيل العشاء إلى موعد لاحق».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *