نبدأ جولتنا من صحيفة تليغراف، التي نشرت افتتاحية بعنوان “يجب على رئيس الوزراء المقبل أن يصف الاتفاق النووي الإيراني بأنه صوري كما هو بالفعل”.
وترى الصحيفة أنه على الرغم من الحرب الروسية في أوكرانيا وموقف الصين الغاضب تجاه تايوان، لا تزال هناك تهديدات قليلة أخرى على السلم والاستقرار العالميين، ومنها إيران المسلحة نوويًا.
ومع ذلك تشير جميع الدلائل إلى أن واشنطن ولندن تستعدان للالتزام مرة أخرى بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وهي الصفقة التي وقعتها إدارة باراك أوباما لأول مرة في عام 2015، والتي تم بموجبها رفع العقوبات عن طهران مقابل فرض مكابح على البرنامج النووي للدولة المارقة، وفقا للصحيفة.
وتري الصحيفة أن المشكلة الرئيسية هي الثقة. “كيف يمكن لأي مراقب عاقل أن يتوقع من إيران أن تحافظ على تعهداتها في الصفقة؟ هذا بلد ينفق أموالاً كثيرة على الجماعات الإرهابية مثل الجهاد الإسلامي، الذي ينظم هجمات على جنود أمريكيين في سوريا، وقد سُر مؤخرًا بشكل واضح بمحاولة اغتيال الكاتب سلمان رشدي”.
وبينما تم توقيع الاتفاق الأصلي جزئيًا استنادا إلى الأمل في تشجيع القادة “المعتدلين” المفترضين في إيران مثل حسن روحاني، فإن أي صفقة جديدة سيتم إبرامها مع المتشددين الذين يسيطرون الآن، ستجعلهم يطلقون العنان لمليارات الدولارات لدعم نظامهم الاستبدادي، حسب التليغراف.
وترى الصحيفة أنه لن يعرف أحد في بريطانيا أكثر من ليز تراس – المرشحة الأوفر حظا لمنصب رئيس الوزراء – الحساسيات حول إعادة التوقيع على الاتفاق.
“وبصفتها وزيرة للخارجية، ستكون على اطلاع كامل على تسريع طهران لبرنامج تخصيب اليورانيوم. وستدرك أن أي صفقة جديدة لن تقدم في أحسن الأحوال شيئًا أكثر من تأخير طفيف لطموحات آيات الله الذرية، حتى عندما تُدخل (إلى إيران) الأموال التي من المرجح أن تمول الهجمات ضد الحكومات الغربية التي وقعت عليها”.
ورأت الصحيفة أن هذه أسباب كافية لرئيسة الوزراء تراس، بافتراض أنها ستفوز بالمنصب، لسحب الدعم البريطاني لأي اتفاق نووي إيراني جديد.
ومع ذلك، إذا احتاجت (تراس) إلى مزيد من الإقناع، فلا يوجد نقص في الأدلة الجديدة المقنعة، مشيرة إلى أنه منذ رحيل حسن روحاني استدارت إيران عن الغرب إلى الشرق بحثا عن حلفاء في موسكو وبكين، وكذلك سعيها إلى كسب ود فلاديمير بوتين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وتزويد القوات الروسية بمئات الطائرات بدون طيار لاستخدامها في الحرب.
كما أن احتجاز إيران للبريطانية الإيرانية، نازانين زاغاري راتكليف، كان حتى وقت قريب يقيد الحكومة البريطانية عندما يتعلق الأمر بالتعامل بحزم مع طهران.
واختتمت الصحيفة “يحتاج رئيس الوزراء المحافظ الجديد إلى وصف أي صفقة إيرانية جديدة على حقيقتها: خدعة، ستحول الأموال فقط إلى عدو لدود دون منعه من تطوير القنبلة، ما يجعل العالم ليس مكانًا أكثر أمانًا، بل مكانًا أكثر خطورة”.
“أصدقاء بوتين في الغرب”
وننتقل إلى صحيفة الغارديان ومقال كتبه سايمون تيسدال بعنوان “بوتين محاصر ويائس.. هل سينقذه أصدقاؤه في الغرب؟”
ويرى الكاتب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوقع نفسه في مصيدة بغزو أوكرانيا، إذ لم يكن يتوقع الجمود لأجل غير مسمى (على الصعيد العسكري) أو تفجيرات بسيارات مفخخة في موسكو أو هجمات مذلة على شبة جزيرة القرم الحصينة.
“إن المستنقع العسكري اللامتناهي ليس سيناريو يمكن لبوتين أن يتحمله، لأن العقوبات الغربية البطيئة تؤدي إلى تآكل اقتصاده واستنزاف القوة البشرية والعتاد العسكري بشكل مطرد. إذن ما هي خياراته؟”
يرحج الكاتب أنه مع تزايد الضغط الغربي على بوتين، فإن الخيار المتاح أمامه هو رفع تكلفة الحرب على داعمي أوكرانيا ومن ثم تقويض مقاومة كييف.
أشار الكاتب على إعلان زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا دعمهم طويل الأمد لأوكرانيا الأسبوع الماضي.
لكن بوتين لديه العديد من الوسائل التي يمكنه من خلالها تقويض الوحدة الغربية والبقاء قويا، إذ أن “أوروبا مليئة بنقاط التوتر المحتملة التي يمكن استغلالها بسهولة وخطوط الصدع الجيوسياسية الموروثة من الحقبة السوفيتية. وبالمثل، يوجد لدى روسيا عدد من الحلفاء والمتعاطفين المنتشرين عبر المشهد الأوروبي الممزق سياسيًا”.
ويتساءل الكاتب: هل سوف يسهم أصدقاء بوتين في الغرب في إنقاذه؟
ويعدد هؤلاء الأصدقاء ومنهم ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا الذي “هو بالفعل في جيب بوتين”، بعد أن ضمنت موسكو بقاءه بعد أن أثار “تزويره” للانتخابات الرئاسية لعام 2020 احتجاجات على مستوى البلاد، واعتبر الكاتب أن “لوكاشينكو سيفعل ما يقال له”.
“داخل الاتحاد الأوروبي، يُنظر إلى فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، على أنه حصان طروادة لبوتين. مثل الكثيرين في أقصى اليمين في أوروبا، أوربان معجب بأيديولوجية (بوتين) القومية المتعصبة ويشاركه نظرته العنصرية والمعادية للمثليين”.
لقد عرقل أوربان مرارا عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، ووقع صفقة غاز منفردا مع الكرملين الشهر الماضي ومن ثم فـ”من الواضح أن أوربان لا يمكن الوثوق به”.
وأدى انهيار الحكومة الإصلاحية في بلغاريا في يونيو/ حزيران، وما تلاه من حديث عن إصلاح العلاقات مع موسكو، إلى إثارة القلق من أن بوتين يكتسب نفوذاً لتقسيم الاتحاد الأوروبي.
ووفقا للكاتب، فإن إيطاليا فيها العديد من الزعماء الحزبين اليمينيين المتطرفين أنصار بوتين، ومن المتوقع أن ينضموا إلى ائتلاف حاكم بعد انتخابات الشهر المقبل، ومن هؤلاء ماتيو سالفيني ورئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني.
وعدد الكاتب نقاط اشتعال في أوروبا يمكن أن يستخدمها بوتين لإثارة الصراعات القديمة وصرف الانتباه عن أوكرانيا، ومن ذلك إمكانية اعتماده على سياسيين رئيسيين من خارج الاتحاد الأوروبي مثل ألكسندر فوتشيتش، رئيس صربيا، الذي يلقبه معارضوه ب””بوتين الصغير” في إثارة صراع في منطقة غرب البلقان المضطربة (بين الصرب والبوسنيين).
“مولدوفا وجورجيا المقسمتان عرقياً ووجود قوات روسية على أراضيهما، هما أيضًا نقاط اشتعال محتملة. والثالثة هي كالينينغراد، حيث نشر بوتين صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت هذا الشهر لترهيب جيران الناتو. كما يبدو أن إستونيا على وجه الخصوص، مع وجود أقلية عرقية روسية فيها، هدف (لبوتين)”.
وأشار الكاتب إلى أن جهود بوتين لنشر الخوف وعدم الاستقرار والألم الاقتصادي تمتد إلى خارج أوروبا، ما يجعل الدول تفكر مرتين قبل معارضة روسيا، مشيرا إلى تجميد دور مجلس الأمن عبر استخدام حق النقض الفيتو.
واختتم حديثه: “توحي سياسة حافة الهاوية المتهورة لبوتين في محطة الطاقة النووية، زابوريجيا، المحتلة في أوكرانيا بأنه سيخاطر بأي شيء تقريبًا للفوز. (هو) يائس بهدوء ويزداد خطورة يومًا بعد يوم”.
“عالم ما بعد الدولار”
وأخيرا نختتم جولتنا من صحيفة فاينانشيال تايمز، ومقال بعنوان ” عالم ما بعد الدولار قادم” كتبه روتشير شارما.
يقول الكاتب إنه مع ارتفاع الدولار إلى مستويات قياسية هذا الشهر، لم نشهد مثيلا له منذ ما يقرب من 20 عامًا، استند المحللون على حجة قديمة وهي أنه لا يوجد بديل، للتنبؤ بمزيد من المكاسب للعملة القوية.
لكنه يرى إن قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى تزيد الآن بنسبة 20 في المائة عن اتجاهها طويل الأجل، وتتجاوز الذروة التي وصلت لها عام 2001.
ويعتقد شارما أن الاختلالات الأساسية لا تبشر بالخير لمستقبل الدولار، ومن ذلك أن عجز الحساب الجاري للولايات المتحدة يقترب من عتبة 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الولايات المتحدة تدين للعالم حاليًا بمبلغ صاف قدره 18 تريليون دولار، أو 73 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي وهو ما يتجاوز بكثير عتبة 50 في المئة، التي تنبأت غالبًا بأزمات العملة السابقة.
لقد تعزز الدولار بسبب ضعف العملات المنافسة، ومع ذلك يكسب منافسوه قوة الآن.
إلى جانب العملات الأربع الكبرى – للولايات المتحدة وأوروبا واليابان وبريطانيا – تكمن فئة “العملات الأخرى” التي تشمل الدولار الكندي والأسترالي والفرنك السويسري. و”هي تمثل الآن 10 في المائة من الاحتياطيات العالمية، بعد أن كانت 2 في المائة في عام 2001″.
لقد أظهر تأثير العقوبات الأمريكية على روسيا دور الولايات المتحدة في عالم يحركه الدولار، ما يلهم العديد من البلدان للإسراع في البحث عن خيارات.
على سبيل المثال، تعمل أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا على تسوية المدفوعات لبعضها البعض بشكل مباشر، متجنبة الدولار. وماليزيا وسنغافورة من بين الدول التي تقوم بترتيبات مماثلة مع الصين.
واختتم الكاتب قائلا “لذلك لا يجب أن تنخدع بالدولار القوي. عالم ما بعد الدولار قادم”.
التعليقات